مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٤٢
يوجد ذلك إلا في النساء والصغار. وكان يقال: نعم الرجل فلان لولا أنه يتكلم كلام شهر في يوم. وقال: طلب الرزق في شبهة خير من الحاجة إلى الناس. وقال: أهوال الدنيا ثلاثة، ركوب البحر وركوب فرس عرى وتزوج حرة. وقال: من إذالة العلم أن تجيب كل من يسألك ولا تكن إماما بكل ما تسمع، ومن إذالة العلم أن تنطبق به قبل أن تسأل عنه.
وتآليفه رحمه الله كثيره منها: كتاب الموطأ الذي لم يسبق إلى مثله. قال ابن مهدي:
ما كتاب بعد كتاب الله أنفع للناس من الموطأ، ولا أصح بعد القرآن منه. وقال الشافعي: ما في الأرض كتاب في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك، وما على الأرض أصح منه، وفي رواية " أفضل منه ". وقال أحمد بن حنبل: ما أحسنه لم تدين به. وقد أكثر الناس مدحه نثرا ونظما، واعتنى العلماء به شرحا وكلاما على ما لرجال والأسانيد وغير ذلك، ورواه عن مالك خلق كثير ومن تآليفه رسالته إلى ابن وهب في القدر والرد على القدرية. قال القاضي عياض: هي من أحل الكتب في هذا الباب وتدل على سعة علمه بهذا الشأن. ومنها كتابه في النجوم وحساب دوران الزمان ومنازل القمر، وهو كتاب حسن مفيد اعتمد عليه الناس في هذا الباب وجعلوه أصلا. ومنها رسالته في الأقضية كتب بها كتب بها إلى بعض القضاة عشرة أجزاء. ورسالته إلى ابن غسان في الفتوى وهي مشهورة، ورسالته إلى هارون الرشيد في الأدب والمواعظ. ومننها كتابه في التفسير لغريب القرآن، ومنها رسالته إلى الليث في إجماع أهل المدينة، ونسب له كتاب السر وأنكر والله أعلم. ومناقبه وفضائله وأحواله كثيرة وما ذكرناه منها قل من كثر وإنما أردنا التنبيه على ما لا بد منه.
فرع: التقليد هو الأحذ بقول الغير من غير متعرفة دليله، والذي عليه الجمهور أنه يجب على من ليس فيه أهلية الاجتهاد أن يقلد أحد الأئمة المجتهدين، سواء كان عالما أوليس بعالم.
وقيل: لا يقلد العلام وإن لم يكن مجتهدا لأن له صلاحية أخذ الحكم من الدليل.
فرع: قال القرافي في شرح المحصول: قال إمام الحرمين: أجمع المحققون على أن العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذاهب الصحابة رضي الله عنهم، لم يعتنوا بتهذيب المسائل والاجتهاد وإيضاح طرق النظر بخلاف من بعدهم. قال القرافي: ورأيت للشيخ تقى الدين بن الصلاح ما منعناه أن التقليد يتعين لهذه الأئمة الأربعة دون غيرهم، لأن مذاهبهم انتشرت وانبسطت حتى ظهر فيها تقييد مطلقها وتخصيص عامها وشروط فروعها فإذا أطلقوا حكما في موضع وجد مكملا في موضع آخر، وأما غيرهم فتنقل عنه الفتاوى مجردة، فلعل لها مكملا أو مقيدا أو مخصصا، لو انضبط كلام قائله لظهر فيصير في تقليده على غير ثقة، بخلاف هؤلاء الأربعة. قال: وهذا توجيه حسن فيه ما ليس في كلام إمام الحرمين. ثم أورد عليه أنه يلزم عليه
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست