مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٤١١
قلت: وهذان النقلان غريبان، والمنقول عن ابن حبيب أنه منع الاستجمار مع وجود الماء بل لا أعرفهما في المذهب، لكن نقل الجزولي في شرح قوله في الرسالة ومن استجمر بثلاثة أحجار قال بعض العلماء: لا يجوز الوضوء ولا الاستجمار بالماء العذب لأنه طعام كما لا تزال النجاسة بالطعام انتهى. وظاهر كلام الجزولي أن القاضي عياضا نقل ذلك فإنه كتب قبل قوله قال بعض العلماء ضادا ولم أقف عليه في التنبيهات، ولعله في الاكمال ولكنه قول غريب مخالف للاجماع والله تعالى أعلم. ونقل ابن عرفة عن المازري أنه قال: شذ بعض الفقهاء فمنع الاستنجاء بعذب الماء لأنه طعام. قال ابن عرفة: ويتخرج على رواية ابن نافع منعه بطعام لأجل انتهى. ثم وقفت على كلامه في الاكمال فذكر نحو ما ذكره المازري عن بعض الفقهاء.
ومعنى الكلام المصنف أن الجمع بين الماء والحجر مستحب فإن لم يجمع ولا بد فالاقتصار على الماء أفضل من الاقتصار على الأحجار. وفهم منه أنه لو اقتصر على الأحجار وحدها مع وجود الماء لأجزأه ولكنه ترك الأفضل وهو كذلك. وبقي هنا فرع وهو أنه هل الحج يزيل الحكم أو لا يزيل الحكم؟ ظاهر كلام الشيخ خليل عند قول ابن الحاجب والاستنجاء يأتي في قوله والاستنجاء جواب عن سؤال مقر كأن قائلا يقول له: كيف تقول إن النجاسة لا تزال إلا بالماء وحكم النجاسة التي على المخرجين تزال بالحجران الحجر يزيل الحكم وهو ظاهر كلام البساطي، وظاهر قول صاحب الطراز أنه لا يزيل الحكم ونصه في كلام طويل، ولان المحل بعد مسحه بالأحجار نجس بدليل أنه لو غسل نجست غسالته ولا أثر للحجارة في تطهيره، وإنما يستحب التخفيف فقط انتهى، فتأمل ذلك والله تعالى أعلم. ص: (وتعين في مني وحيض ونفاس) ش: فهم من كلامه أن الماء لا يتعين فيما عدا ذلك، وشمل ذلك ما يخرج من الحصى والدود والدم وهو كذلك. قال في الجواهر: قال الشيخ أبو بكر وغيره: ويجزئ الاستجمار في النادر كالحصى والدم والدود كما في الغائط لأنه ليس بآكد منه انتهى. وقال في الطراز: فأما الحصى والدود يخرج من غير بلة. فقال الباجي: إنه لا يستنجى منه لأنه طاهر كالريح. والذي قاله صحيح أنه لا يستنجى منه لان الاستنجاء إنما شرع لإزالة عين النجاسة، وإذا لم يكن في ذلك بلة فماذا يزال؟ فإن تخيل فيه أدنى بلة فذلك مما يعفى عن قذره وكأثر الاستجمار، وأما إذا خرج ببلة طاهرة فيجب الاستنجاء لمكان البلة ويكفي في ذلك الاستجمار لان ذلك من جنس ما تجمر منه بخلاف الدم انتهى. فم ذكره في الدم مخالف لما ذكره في الجواهر.
تنبيه: قال في التوضيح: قال ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: والمني بالماء إن عني
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»
الفهرست