مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٣
على الآباء أيضا واستدل بقوله تعالى: (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم) (يس: 41) يعنى نوحا ومن معه. وتثلث ذالها و قرئ بذلك وقراءة الجمهور بالضم، ثم الصلاء على الآل والأصحاب وغيرهم تجوز على التبعية. قال في الشفاء عامة أهل العلم متفقون على جواز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم ذكر أنه وجد بخط بعض شيوخ مذهب مالك أنه لا يجوز أن يصلى على أحد من الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وآله وسلم. قال: وهذا غير معروف من مذهبه ثم قال: والذي ذهب إليه المحققون وأميل إليه ما قاله مالك وسفيان واختاره غير واحد من الفقهاء والمتكلمين، أنه يجب تخصيص النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسائر الأنبياء بالصلاة والتسليم كما يختص الله سبحانه عند ذكره بالتقديس والتنزيه، ويذكر من سواهم بالغفران والرضا كما قال الله تعالى (يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان) (الحشر: 1) وقال: (والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) (التوبة: 100) وأيضا فهو أمر لم يكن معروفا في الصدر الأول كما قال أبو عمران وإنما أحدثه الرافضة والمتشيعة في بعض الأئمة فشاركوهم عند الذكر لهم بالصلاة وساووهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك، وأيضا فإن التشبه بأهل البدع منهي عنه فيجب مخالفتهم.
وذكر الصلاة على الآل والأزواج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحكم التبع والإضافة إليه لا على التخصيص.
قالوا: وصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على من صلى عليه مجراها مجرى الدعاء، والرحمة ليس فيها معنى التعظيم والتوقير وقد قال تعالى: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم لبعض) [النور: 63] وكذلك يجب أن يكون الدعاء له مخالفا لدعاء الناس بعضهم لبعض وهذا اختيار الإمام أبى مظفر الإسفرايني من شيوخنا، وبه قال أبو عمر بن عبد البر انتهى.
تنبيه: لم يذكر المصنف في خطبته الشهادة مع أنه ورد " كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء " أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة مرفوعا في كتاب الأدب من سننه.
ص: (وبعد فقد سألني جماعة أبان الله لي ولهم معالم التحقيق وسلك بنا وبهم أنفع طريق) ش: " بعد " ظرف مكان مقطوع عن الإضافة لفظا لا معنى ولذلك بنى على الضم والتقدير:
وبعد حمد الله والصلاة على رسوله، هي كلمة تستعمل في الخطب والكلام الفصيح لقطع ما قبلها عما بعدها. قال بعض الشافعية: ويستحب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد عقد لها البخاري بابا في كتاب الجمعة وذكر فيها أحاديث كثيرة.
وتستعمل مقرونة ب‍ " أما " والواو ومع إحداهما دون الأخرى، ودخول الفاء بعدها مع " أما " واضح لما تضمنته " أما " من معنى الشرط، وأما محذوفة والواو عوض منها، أو دون تعويض. وعلى الأول فالعامل في " بعد " الفعل المقدر إذ التقدير: وبعد كذا وكذا فأقول، وعلى الثاني فالعامل في " بعد " " أما " المحذوفة لنيابتها عن فعل الشرط المقدر إذ التقدير: مهما يكن من شئ بعد حمد الله والصلاة
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست