مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٩
نسخة من التمهيد لابن عبد البر تعمد صاحبها ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقع ذكره، فنقص ذلك كثيرا من ثمنها وباعها ببخس، ولم يرفع الله لناسخها علما بعد وفاته مع أنه كان يحسن بابا من العلم.
تنبيه: أغرب القاضي أبو بكر بن العربي في العارضة فقال: الذي أعتقده أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم (من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا) (1)، ليست لمن قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما هي لمن صلى عليه كما علم بما قصصناه، انتهى. وقد ذكر السخاوي في الخاتمة منامات كثيرة تدل على حث. ل الثواب العظيم في اللفظ المذكور والله علم.
فائدة: قال الآبي: انظر لو قال: اللهم صل على محمد عدد كذا هل يثاب بعدد من صلى بتلك الأعداد؟ كان ابن عرفة يقول: يحصل له من الثوب أكثر من ثواب من صلى واحدة لا ثواب من صلى تلك الأعداد، ويشهد لهذا حديث (من قال سبحان الله عدد خلقه) (2) من حيث دلالته على أن التسبيح بهذا اللفظ له مزية وإلا لم تكن له فائدة، انتهى.
والسيد الكامل المحتاج إليه بإطلاق واستعماله في حق غير الله سائغ نطق به الكتاب والسنة.
وذكر الدماميني في شرح التسهيل عن ابن المنير في ذلك ثلاثة أقوال: جواز إطلاقه على الله تعالى وعلى غيره، وامتناع إطلاقه على الله تعالى وحكاه عن مالك، وهو الذي يفهم من كلام المقدمات، وامتناع إطلاقه على غير الله تعالى. ثم ذكر عن النحاس رابعا وهو جواز إطلاقه على غير الله إلا أن يعرف بأل. قال: والأظهر الجواز بالألف واللام لغير الله. وما ذكره عن مالك من المنع هو الذي يفهم من كلام المقدمات، والذي في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب من كتاب الصلاة الكراهة، فإنه كره الدعاء ب (يا سيدي) و (يا منان)، ولعله حمل الكراهة على المنع ولم يصرح ابن رشد في البيان بحملها على المنع وقال في شرحها: وأما الدعاء ب (يا منان) فلا كراهة فيه لأنه من أسماء الله تعالى القائمة من القرآن قال الله سبحانه وتعالى: (ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) (إبراهيم: 11) والخلاف في إطلاقه على الله تعالى ينبني على الخلاف في أسماء الله تعالى الدالة على الصفات هل هي توقيفية فلا يطلق عليه إلا ما ورد الإذن فيه أم لا.
وملخص ما في المسألة أن اللفظ إما أن يرد به الشرع فيقتصر على ذكره في المواضع التي ورد فيها، وإن دل على صفة كمال فإن ورد الشرع به جاز إقلاقه على الله تعالى في المواضع الذي ورد فيه وفي غيره، وإن لم يرد به فمذهب الشيخ أبى الحسن الأشعري وعامة أهل السنة أنه لا يجوز
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست