مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٨
في الذبيحة والعطاس قال: ولا ينبغي أن تجعل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه استنانا. وفي سماع أبى زيد من الجامع سئل مالك عن الذي يرى الشئ فيعجبه أو يعطس فيحمد الله أو يكره له أن يصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: لا، أنا آمره أن لا يصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنى إذا لأقول له لا تذكر الله. قال: إنه يذكر في ذلك حديث. قال: ما يحدث به كأنه لا يرى ذلك الحديث شيئا. قال ابن رشد: فد أمر الله بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهي على الوجه الذي أمر به من التعظيم لحقه والرغبة في الثواب عند ذكره أو ذكر شئ من أمره مرغب فيها مندوب إليها، وأما عند التعجب فالشئ للتعجب دون القصد إلى احتساب الثواب مكروه، قاله سحنون في رسم نذر من سماع عيسى من كتاب المحاربين. وأما الصلاد عليه مع الحمد عند العطاس، فيحتمل أنه لم يرد بذلك القربة فيكون مكروها، ويحتمل أنه يذكر سنة في أمر العطاس بالحمد فصلى عليه على ما سنه من ذلك فيكون مستحبا. ولما احتملت صلاته هذا الوجه توقف في أن يقول إنه يكره انتهى باختصار. فتحصل من هذا أن في الصلاء عند الذبح والعطاس قولين. قال الشيخ أبو عبد الله محمد الرضاع: لما ذكر شهرة البيع. ويلحق هذا عندي ما يصدر من العامة في الأعراس وغيرها. فإنهم يشهرون أفعالهم للنظر إليها بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع زيادة عدم الوقار والاحترام بل بضحك وبلعب انتهى.
قلت: بلك يذكرون ذلك بلفظ محرف إن قصدوه كفروا، فإن كثيرا منهم يكسرون السين من السلام نعوذ بالله من ذلك. ثم ذكر من المواضع التي نهى عن الصلاة فيه الأماكن القذرة وأماكن النجاسة انتهى والله أعلم.
مسألة: شاع في كثير من كلام العلماء كراهة إفراد الصلاة عن السلام وعكسه، وممن سرح بالكراهة وقال: فيه نظر. نعم يكره أن يفرد الصلاة ولا يسلم أصلا، أما لو صلى في وقت وسلم في وقت آخر فإنه يكون ممتثلا انتهى. تقال: ويتأيد بما في خطبة مسلم والتنبيه وغيرهما من مصنفات أئمة السنة من الاقتصار على الصلاة فقط، وقال قبله استدل بحديث كعب وغيره على أن إفراد الصلاة عن التسليم لا يكره وكذلك العكس، لأن تعليم التسليم تقدم قبل تعليم الصلاة، انتهى. وذكر في الخاتمة منامات تقتضي أنه لا ينبغي إفراد الصلاة على التسليم، ولم أقف لأحد من المالكية في ذلك على كلام إلا ما رأيته في آخر نسخة من المسائل الملفوظة أنه يكره ذلك ولم يعزه. وقال الشيخ زروق في شرح الوغليسية: كره جمهور المحدثين إفراد الصلاة عن التسليم وعكسه.
مسألة: قال ابن ناجى في أول شرح المدونة: إفراد الصلاة عن التسليم وعكسه أفتى بعضهم برد كتب الحديث إذا لم يوجد فيها لفظ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وذكر السخاوي أن
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست