إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٦٠
لا، فيسن القيام بخدمته من حيث المرض، لا من حيث الفسق. كما قيل في إيناس الضيف أنه يسن من حيث كونه ضيفا، لا من حيث كونه فاسقا. (قوله: وإن لم يكن نحو قريب) أي أن حضور المريض الذي لا متعهد له عذر مطلقا سواء كان نحو قريب كزوج، وصديق، وصهر، ومملوك، وأستاذ، وعتق، ومعتق أم لا كأجنبي. (قوله: بلا متعهد له) الجار، والمجرور متعلق بمحذوف صفة لمريض، ولو قدمه على الغاية لكان أولى. إذ الغاية إنما هي بالنسبة له. (قوله:
أو كان إلخ) المناسب أو وكان، بزيادة واو العطف - كما صرح بها في المنهج - أي أو بمتعهد وكان نحو قريب محتضرا أو لم يكن محتضرا ولكن يأنس المريض بحضوره. (والحاصل) أن هذا المريض إذا لم يكن له متعهد يطعمه ويسقيه ويقوم بما يحتاجه فحضور الشخص عنده عذر في ترك الجماعة مطلقا، سواء كان نحو قريب أم لا. وإذا كان له متعهد: فإن كان المريض نحو قريب محتضرا أو يأنس به يكون عذرا أيضا، وإن لم يكن كذلك بأن كان غير نحو قريب، أو كان ولم يكن محتضرا ولا يأنس بالحاضر فلا يكون عذرا. (قوله: لكن يأنس) أي نحو القريب غير المحتضر. (وقوله به) أي بالحاضر. (قوله: وغلبة نعاس) بالرفع معطوف أيضا على مطر، أي وعذر الجماعة غلبة نعاس، ومثلها بالأولى غلبة النوم، والمراد بها أن يعجز عن دفع ما ذكر من النعاس والنوم من الصلاة. وخرج بالغلبة مجرد النعاس والسنة - بكسر السين - وهما ما يتقدم النوم من الفتور، فليسا بعذر. (وقوله: عند انتظاره للجماعة) الظرف متعلق بمحذوف صفة لغلبة، أي غلبة حاصلة له عند انتظاره للجماعة. قال في فتح الجواد: وعند عزمه على الذهاب إليها. اه‍. (قوله:
وشدة إلخ) بالرفع معطوف على مطر أيضا، أي وعذر الجماعة شدة جوع وعطش، لكن بحضرة مأكول أو مشروب يشتاقه وقد اتسع الوقت، للخبر الصحيح: لا صلاة بحضرة طعام. وقريب الحضور كالحاضر، فيبدأ بالاكل أو الشرب، فيأكل لقما يكسر بها شدة الجوع، إلا أن يكون الطعام مما يتناول مرة واحدة، كسويق ولبن. (قوله: وعمى) بالرفع معطوف على مطر أيضا، أي وعذر الجماعة عمى. (قوله: حيث إلخ) قيد في كون العمى عذرا، أي محل كونه عذرا إذا لم يجد قائدا بأجرة المثل، أي وكان قادرا عليها، وهي فاضلة عما يعتبر في الفطرة. فإن وجد قائدا بما ذكر فلا يكون العمى عذرا في ترك الجماعة. (قوله: وإن أحسن) أي الأعمى، وهي غاية في كون العمى عذرا. أي أنه يعد عذرا وإن كان يحسن المشي بالعصا، وذلك لأنه قد تحدث له وهدة يقع فيها فيتضرر بذلك.
(تتمة) بقي من الاعذار أكل منتن كبصل، أو ثوم، أو كراث، وكذا فجل في حق من يتجشأ منه، نئ أو مطبوخ بقي له ريح يؤذي، لما صح من قوله (ص): من أكل بصلا أو ثوما أو كراثا فلا يقربن المساجد وليقعد في بيته، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم قال جابر - رضي الله عنه - ما أراه يعني إلا نيئه. زاد الطبراني: أو فجلا. ومثل ذلك كل من ببدنه أو ثوبه ريح خبيث. وإن عذر كذي بخر، أو صنان مستحكم، وحرفة خبيثة. وإنما يكون ما ذكر عذرا إذا لم يسهل إزالته بغسل أو معالجة، فإن سهلت لم يكن عذرا. وزلزلة، وسمن مفرط، واشتغال بتجهيز ميت، وحمله، ودفنه، ووجود من يؤذيه في طريقه - ولو بنحو شتم - ما لم يمكن دفعه من غير مشقة، وتطويل الامام على المشروع، وتركه سنة مقصودة، وكونه سريع القراءة والمأموم بطيئها، أو من يكره الاقتداء به، وكونه يخشى الافتتان به لفرط جماله، وهو أمرد، أو يخشى هو افتتانا ممن هو كذلك.
وقد نظم ابن رسلان معظم الاعذار في قوله:
وعذر تركها وجمعة مطر * ووحل وشدة البرد وحر ومرض وعطش وجوع * قد ظهرا أو غلب الهجوع مع اتساع وقتها وعري * وأكل ذي الريح الكريه ني
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست