إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٥٨
والتحقيق التقييد بالشديد، ومقتضاه أنه لا فرق بينه وبين الخفيف. قال الأذرعي: وهو الصحيح، والأحاديث دالة عليه.
وجرى على التقييد ابن المقري في روضه تبعا لاصله. وينبغي اعتماده. (فإن قيل) حديث ابن حبان المتقدم أصابهم مطر لم يبل أسفل نعالهم، ونادى منادي رسول الله (ص): صلوا في رحالكم (أجيب) بأن النداء في الحديث كان للمطر كما مر، والكلام في الوحل بلا مطر. اه‍. (وقوله: معه) أي الوحل. (وقوله: التلوث) أي لاسفل الرجل. قال ش ق:
وكالرجل: الثوب، لا النعل، لان أقل شئ يلوثه. اه‍. (وقوله: بالمشي) الباء سببية متعلقة بتلوث. (وقوله: فيه) أي في الوحل. (وقوله: أو الزلق) معطوف على التلوث، أي أو لم يأمن من الزلق بالمشي فيه. (قوله: وحر شديد) معطوف على مطر أيضا. وقيده في التحفة وغيرها بكون الوقت ظهرا. والذي اعتمده الجمال الرملي - في النهاية وغيرها - عدم التقييد به، فهو عنده عذر مطلقا. (قوله: وإن وجد ظلا يمشي فيه) غاية لعد الحر عذرا. وكتب عليها سم ما نصه: أقول لا يخفى على متأمل أن هذا الكلام مما لا وجه فيه، وذلك لان من البديهي أن الحر إنما يكون عذرا إذا حصل به التأذي، فإذا وجد ظلا يمشي فيه، فإن كان ذلك الظل دافعا للتأذي بالحر فلا وجه حينئذ، لكون الحر عذرا. اه‍. (قوله : وبرد شديد) معطوف على مطر أيضا، أي وعذر الجماعة برد شديد. ولا فرق فيه بين أن يكون ليلا أو نهارا، وأن يكون مألوفا في ذلك المحل أو غير مألوف إذ المدار على ما يحصل به التأذي والمشقة. (قوله: وظلمة شديدة بالليل) أي أو وقت الصبح كما في التحفة والنهاية - وإنما كانت عذرا فيه - دون النهار - لعظم مشقتها فيه. (قوله: ومشقة مرض) من إضافة الصفة إلى الموصوف. أي والمرض الذي يشق معه الحضور مشقة تسلبه كمال الخشوع. (قوله: وإن لم تبح الجلوس في الفرض) غاية في كون مشقة المرض عذرا، أي أنها تعد عذرا، وإن كانت لا تبيح له الجلوس في صلاة الفرض.
(وقوله: لا صداع يسير) بالرفع، معطوف على مشقة، وهو محترزها. وعبارة النهاية: أما الخفيف كصداع يسير وحمى خفيفة فليس بعذر، لأنه لا يسمى مرضا. (قوله: ومدافعة حدث) بالرفع، معطوف أيضا على مطر، أي وعذر الجماعة مدافعة حدث - أي غلبته -. ومحل كون المدافعة عذرا في ترك الجماعة: إن لم يتمكن من تفريغ نفسه والتطهر قبل فوت الجماعة، فإن تمكن من ذلك ولم يفعله لا تكون عذرا في ذلك. ومثلها: مدافعة كل خارج من الجوف، كغلبة القئ، ودم القروح، وكل مشوش للخشوع. (قوله: من بول إلخ) بيان للحدث. فالمراد بالحدث هنا: ما يخرج من أحد السبيلين. (قوله: فتكره الصلاة معها) أي المدافعة، أي وإذا كرهت الصلاة فالجماعة أولى. والأصل في ذلك خبر مسلم: لا صلاة بحضرة طعام، ولا صلاة وهو يدافعه الأخبثان أي البول والغائط. (قوله: وإن خاف إلخ) غاية في الكراهة، أي تكره الصلاة مع المدافعة المذكورة. وإن خاف أن الجماعة تفوته لو فرغ نفسه من الحدث، فالسنة في حقه أن يتخلف عن الجماعة ليفرغ نفسه. (قوله: وحدوثها) أي المدافعة. (وقوله: في الفرض) أي في أثناء الصلاة المفروضة. (وقوله: لا يجوز قطعه) أي الفرض، أي فيحرم عليه ذلك. نعم، إن اشتد الحال وخاف ضررا يبيح التيمم بكتمه إلى تمام الصلاة فله القطع، بل قد يجب. (قوله: ومحل ما ذكر في هذه) انظر على أيشئ، ما واقعة؟ وعلى أي شئ يعود اسم الإشارة؟ والذي يظهر من سياقه أن ما واقعة على كون مدافعة الحدث عذرا في ترك الجماعة، واسم الإشارة يعود على المدافعة المذكورة، أو على البول والغائط والريح. والتقدير: ومحل كون مدافعة الحدث من البول والغائط والريح عذرا في هذه، أي المدافعة المذكورة، أو البول، والغائط والريح. وفي ذلك ركاكة لا تخفى. ولو جعلت ما واقعة على العذر من حيث هو، واسم الإشارة يعود على المدافعة صح ذلك، والتقدير: ومحل العذر، أي كونه يعذر في هذه المدافعة: أي بها. لصح ذلك، إلا أنه بعيد. فكان الأولى والاخصر أن يحذف قوله في هذه وعبارة الفتح مع الأصل وإنما يكون ذلك - أي الحقن وما عطف عليه - عذرا بسعة أي مع سعة وقت لتفريغ نفسه من ذلك وللصلاة كاملة
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست