إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٣
دون الثلاث، أو خارجا لا رأس الأجلح والأصلع (1) في محله ولا لحية الأمرد والأطلس. وخرج به باقي البدن، فلا يحرم دهنه. وليحترز المحرم عند أكل الدسم كسمن ولحم من تلويث العنفقة أو الشارب، فإنه مع العلم والتعمد حرام تجب فيه الفدية، (2) ولو لشعرة واحدة. (قوله: بدهن) متعلق بدهن، وهو هنا بضم الدال، إذ المراد به العين. (قوله: ولو غير مطيب) تعميم في الدهن، أي لا فرق فيه بين أن يكون مطيبا أو لا، لكن المطيب، يزيد على غيره بحرمة استعماله في جميع البدن، ظاهرا وباطنا. (قوله: كزيت وسمن) أي وزبد، ودهن لوز، وجوز، وشحم وشمع (3) ذائبين. (قوله: وإزالته) بالرفع، عطف على وطئ أيضا. أي ويحرم إزالة الشعر بنتف أو إحراق أو غيرهما من سائر وجوه الإزالة (4) حتى بنحو شرب دواء مزيل مع العلم والتعمد فيما يظهر وذلك لقوله تعالى * (ولا تحلقوا رؤوسكم) * (5) أي شيئا من شعرها. وألحق به شعر بقية البدن والظفر، بجامع أن في إزالة كل ترفها ينافي كون المحرم أشعت أغبر. اه‍. تحفة. (قوله: ولو واحدة) أي ولو كان المزال من الشعر شعرة واحدة، ومثلها بعضها، فإنه يضر، وفيها الفدية، لكنها مد واحد كما سيأتي. (قوله: من رأسه إلخ) متعلق بإزالة، أي إزالة الشعر من رأسه، أو لحيته، أو بدنه. ودخل فيه شعر العانة، والإبط، واليد، والرجل.
(قوله: نعم، إن احتاج) أي المحرم، وهو استدراك من حرمة إزالة الشعر، دفع به ما يتوهم أن الإزالة تحرم مطلقا، بحاجة وبغيرها. (قوله: بكثرة) الباء سببية، متعلقة باحتاج. (وقوله: قمل) هو يتولد من العرق والوسخ، وهو من الحيوان الذي إناثه أكبر من ذكوره. ومن طبعه أن يكون في الأحمر أحمر، وفي الأسود أسود، وفي الأبيض أبيض. وقوله: أو جراحة معطوف على كثرة، أي أو بسبب جراحة أحوجه أذاها إلى الحلق، ومثلهما الحر إذا تأذى بكثرة شعره فيه تأذيا لا يحتمل عادة. (قوله: فلا حرمة، وعليه الفدية) أي لقوله تعالى: * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) * (6). (قوله: فلو نبت إلخ) لو جعله من أسباب الاحتياج إلى الحلق بأن قال: أو بنبت شعر بعينه، أو تغطيته إياها، لكان أولى وأنسب، لأنه لا معنى للتفريع. وقوله: أو غطاها أي غطى الشعر عينه، بأن طال شعر حاجبه أو رأسه حتى وصل إليها وغطاها. (قوله: فأزال ذلك) أي ما ذكر من الشعر النابت في وسط العين والمغطى، أي فقط. (قوله: فلا حرمة ولا فدية) الفرق بين هذا حيث لم تجب الفدية وبين ما قبله حيث وجبت الفدية فيه أن التأذي في هذا من نفس الشعر، بخلافه في ذاك، فإنه ليس منه، بل مما فيه. ومثله في ذلك ما لو قطع أصبعه وعليها شعر أو ظفر، أو كشط جلدة رأسه وعليها شعر، وذلك لتبعيته لغيره، فهو لم يقطعه قصدا، وإنما قطعه تابعا لغيره، والمحرم قطعه غير تابع لغيره.

(١) قوله: الأجلح) في المصباح، جلح الرجل جلحا - من باب تعب الشعر من جانبي مقدم رأسه، فهو أجلح. اه‍ وقوله: والأصلع.
قال فيه أيضا: صلع الرجل صلعا - من باب تعب - انحسر الشعر من مقدمه اه‍.
(٢) (قوله: حرام تجب فيه الفدية) أي ما لم تشتد حاجة إلى أكله، وإلا جاز، ووجبت فيه الفدية، كذا في حاشية الايضاح، وعبارتها: وقضية ما تقرر: حرمة أكل دهن يعلم أنه يلوث به شاربه، وهو ظاهر إن لم تشتد حاجة إليه، وإلا جاز، ووجبت فيه الفدية. اه‍ مولف.
(٣) (قوله: وشمع) استشكل عطف الشمع على الشحم، ووصفهما بالذوبان لأنهم إن أرادوا أن الانضمام قيد في الفدية فغير مسلم، لان الشحم الذائب وحده دهن، وأما الشمع الذائب وحده فغير دهن. وأجيب بأن مرادهم بذلك بيان أن ضمن الشمع إلى الشحم لا يخرجه عن الدهن، بخلاف اللبن المشتمل على الزبد والدهن. وفى هذا الجواب تسليم لقول المستشكل: إن الشمع الذائب غير دهن، وهو في محل المنع، وأي فرق بينه وبين الشحم لان في كل دهنية يقصد بها تزيين الشعر في الجملة. اه‍. أفاده في حاشية الايضاح.
(٤) (قوله: أو غيرهما من سائر وجوه الإزالة) هو شامل للزائل بواسطة حك رجل الركب في نحو قتب، وهو ظاهر من كلامهم، فتجب فيه الفدية، وإن احتاج لذلك غالبا، لامكان الاحتراز عنه. خلافا لمن قال بعدمها، وأصال فيه بما ليجدى. اه‍ مولف.
(٥) القرة: ١٩٦.
(٦) البقرة: ١٩٦.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست