إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٢٤٨
يكون كثيرا، وأن تكون كثرته بيقين، وأن يكون من غير جنس أفعالها، وأن يصدر من العالم بالتحريم، وأن يكون ولاء، وأن لا يكون في شدة الخوف ونفل السفر. (قوله: من غير جنس أفعالها) متعلق بمحذوف، صفة لفعل. أي فعل كائن من غير جنس أفعالها، كالمشي والضرب. فإذا كان من جنسها ففيه تفصيل، وهو أنه إن كان عمدا بطلت، ولو كان فعلا واحدا كزيادة الركوع عمدا. وإن كان سهوا فلا تبطل، وإن زاد على الثلاثة كزيادة ركعة سهوا. وسيذكر في أواخر الفصل. (قوله: إن صدر) أي ذلك الفعل الكثير. وقوله: ممن علم تحريمه أي من مصل علم تحريم الفعل الكثير في الصلاة. وقوله: أو جهله هو مفهوم العلم. وقوله: ولم يعذر أي في جهله، بأن يكون بين أظهر العلماء وبعيد عهد بالاسلام. وهو قيد في الجهل، وخرج به المعذور فلا يبطل فعله الكثير. (قوله: حال كونه) أي الفعل الكثير. وأفاد به أن ولاء منصوب على الحال، ثم أنه يحتمل أنه حال من ضمير كثير المستتر لأنه صفة مشبهة، ويحتمل أن حال من فعل وسوغ مجئ الحال منه مع أنه نكرة وصفه بكثير بعده. (قوله: عرفا) منصوب بإسقاط الخافض وهو مرتبط بقوله: كثير.
يعني أن المعتبر في الكثرة العرف. فما يعده العرف كثيرا كثلاث خطوات ضر، وما يعده العرف قليلا كخلع الخف، ولبس الثوب الخفيف، وكإلقاء نحو القملة، وكخطوتين وضربتين، لم يضر. ويصح أن يكون مرتبطا بقوله: ولاء بناء على أن المعتبر فيه العرف. لكن يحتاج حينئذ إلى تقدير نظيره في الأول. وفي متن المنهج تقديمه على قوله ولاء، وهو أولى. (قوله: في غير شدة الخوف ونفل السفر) أي وتبطل الصلاة بفعل كثير في غير ما ذكر أي وفي غير صيال نحو حية عليه. فالافعال الكثيرة في ذلك لا تبطل لشدة الحاجة إليها. (قوله: بخلاف القليل) محترز قوله كثير. أي بخلاف الفعل القليل فلا يبطل، لأنه عليه الصلاة والسلام فعل القليل وأذن فيه. فخلع نعليه في الصلاة ووضعهما عن يساره، وغمز رجل عائشة في السجود، وأشار برد السلام، وأمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب، وأمر بدفع المار، وأذن في تسوية الحصى. ولان المصلي يعسر عليه السكون على هيئة واحدة في زمان طويل، ولا بد من رعاية التعظيم، فعفي عن القليل الذي لا يخل به دون الكثير. ومحل عدم البطلان بالفعل القليل إن لم يقصد به اللعب وإلا أبطل. (قوله:
كخطوتين) تمثيل للقليل. (قوله: وإن اتسعتا) أي الخطوتان. وخالف الخطيب في المغنى والاقناع وقيدهما بالمتوسطتين. وهو تابع في ذلك إمام الحرمين.، فإنه قال: لا أنكر البطلان بتوالي خطوتين واسعتين جدا فإنهما يوازيان الثلاث عرفا. اه‍. (قوله: حيث لا وثبة) قيد في الغاية، فإن وجدت الوثبة أبطلتا من جهتها. قال ع ش: ما لم يكن فزعا من نحو حية، وإلا فلا تبطل لعذره. (قوله: والضربتين) معطوف على خطوتين، فهو تمثيل للقليل أيضا. ( قوله: نعم، لو قصد إلخ) تقييد لجعل الخطوتين والضربتين من القليل وأنهما لا يبطلان فكأنه قال: كل ذلك ما لم يقصد من أول الأمر ثلاث خطوات أو ثلاث ضربات متواليات، فإن قصد ذلك بطلت صلاته بمجرد شروعه في واحدة لأنه قصد المبطل وشرع فيه، أما لو نواه من غير شروع فلا بطلان. (قوله: والكثير المتفرق) محترز قوله ولاء، وهو بالجر معطوف على القليل.
أي وبخلاف الكثير المتفرق فإنه لا يبطل، لأنه عليه الصلاة والسلام صلى وهو حامل أمامة، فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها. (قوله: بحيث يعد إلخ) الحيثية للتقييد، أي أن محل عدم تأثير الفعل الكثير المتفرق إذا كان يعد عرفا، أن كل فعل منقطع عما قبله فيعد الثاني منقطعا عن الأول، والثالث منقطعا عن الثاني، فإن لم يعد كما ذكر أثر. وقوله:
وحد البغوي أي ضبطه للمتفرق. وهو مبتدأ خبره ضعيف. وقوله: بأن يكون بينهما أي بين كل فعل وما بعده. وضبطه بعضهم أيضا بأن يطمئن بين الفعلين، وهو ضعيف أيضا. (قوله: ولو كان الفعل الكثير سهوا) أي فإنه يبطل لان الحاجة لا تدعو إليه، أما لو دعت الحاجة إليه كصلاة شدة الخوف فلا يبطل كما مر. (قوله: والكثير) أفاد به أن الجار والمجرور
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست