مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٦١
إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه فليناوله لقمة أو لقمتين فإنه ولي حره وعلاجه والمعنى تشوف النفس لما تشاهده، وهذا يقطع شهوتها، والامر في الخبر محمول على الندب طلبا للتواضع ومكارم الأخلاق. ولو أعطى السيد رقيقه طعاما لم يكن للسيد تبديله بما يقتضي تأخير الاكل بخلاف تبديله بما لا يقتضي ذلك. (وتسقط) كفاية الرقيق (بمضي الزمان) فلا تصير دينا عليه إلا باقتراض القاضي أو إذنه فيه واقترض كنفقة القريب بجامع وجوبها بالكفاية، (وببيع القاضي) أو يؤخر (فيها ماله) ان امتنع أو غاب، لأنه حق وجب عليه تأديته. وكيفية بيعه أو إيجاره أنه إن تيسر بيع ماله أو إيجاره شيئا فشيئا بقدر الحاجة فذاك، وإن لم يتيسر كعقار استدان عليه إلى أن يجتمع ما يسهل البيع أو الايجار ثم باع أو أجر ما يفي به لما في بيعه أو إيجاره شيئا فشيئا من المشقة، وعلى هذا يحمل كلام من أطلق أنه يباع بعد الاستدانة، فإن لم يمكن بيع بعضه ولا إجارته وتعذرت الاستدانة باع جميعه أو أجره. (فإن فقد المال) الذي ينفقه على رقيقه، (أمره) القاضي (ببيعه) أو إجارته (أو إعتاقه) دفعا للضرر، فإن لم يفعل أجره القاضي، فإن لم يتيسر إجارته باعه، فإن لم يشتره أحد أنفق عليه من بيت المال، فإن لم يكن فيه مال فهو من محاويج المسلمين فعليهم القيام به. والدفع هنا يكون للسيد كما قاله ابن الرفعة، لأن النفقة عليه، وهو المكني عنه بأنه من محاويج المسلمين لا العبد.
قال الأذرعي: وظاهر كلامهم أنه ينفق عليه من بيت المال أو المسلمين مجانا، وهو ظاهر إن كان السيد فقيرا ومحتاجا إلى خدمته الضرورية، وإلا فينبغي أن يكون ذلك فرضا عليه اه‍.
تنبيه: قد علم مما تقرر أن القاضي إنما يبيعه إذا تعذرت إجارته كما ذكره الجرجاني وصاحب التنبيه، وإن كان قضية كلام الروضة وأصلها أن الحاكم مخير بين بيعه وإجارته. وهذا في غير المستولدة، أما هي فيخليها للكسب، أو يؤخرها، ولا يجبر على عتق بخلافه هنا، لأنه متمكن من إزالة ملكه فيؤمر بما يزيل الملك ولا ضرر عليه في ذلك لأنه متمكن من البيع، ولا كذلك أم الولد. وأيضا هذه ثبت لها حق في العتق وفي غير المبعض، أما هو فإن كان بينه وبين سيده مهايأة فالنفقة على صاحب النوبة وإلا فعليهما بحسب الرق والحرية. (ويجبر أمته) أي يجوز له إجبارها (على إرضاع ولدها) منه أو من غيره، لأن لبنها ومنافعها له، بخلاف الزوجة فإن الزوج لا يملك ذلك منها.
تنبيه: لو أراد تسليم ولدها منه إلى غيرها وأرادت إرضاعه لم يجز له منعها لما فيه من التفريق بينهما، لكن له ضمه في وقت الاستمتاع إلى غيرها إلى الفراغ. أما إذا كان الولد حرا من غيره أو مملوكا لغيره فله منعها من إرضاعه ويسترضعها غيره، لأن إرضاعه على والده أو مالكه كما نقله ابن الرفعة وغيره من الماوردي وأقروه. (وكذا غيره) أي غير ولدها يجبرها على إرضاعه أيضا، (إن فضل) لبنها (عنه) أي عن ري ولدها: إما لاجتزائه بغيره، وإما لقلة شربه، وإما لغزارة لبنها لما مر، فإن لم يفضل فلا إجبار، لقوله تعالى: * (لا تضار والدة بولدها) *، ولان طعامه اللبن فلا يجوز أن ينقص من كفايته كالقوت. (و) يجبرها أيضا على (فطمه قبل) مضي (حولين إن لم يضره) أي الولد الفطم، بأن اكتفى بغير لبنها ولم يضرها أيضا (و) يجبرها على (إرضاعه بعدهما) أي الحولين (إن لم يضرها) ولم يضره أيضا فليس لها استقلال برضاع ولا فطم، لأنه لا حق لها في التربية بخلاف الحرة كما قال: (وللحرة حق في التربية) وحينئذ (فليس لأحدهما) أي الأبوين الحرين، (فطمه) أي الولد، (قبل) مضي (حولين) إلا برضى الآخر. لأن مدة الرضاع لم تتم.
تنبيه: ظاهر كلامهم أنهما لو تنازعا في فطمه أن الداعي إلى تمام الحولين يجاب. قال الأذرعي: يشبه إجابة من دعا للأصلح للولد، فقد يكون الفطم مصلحة له لمرض أمه أو حملها ولم يوجد غيرها فظهر تعين الفطام هنا، وليس هذا مخالفا لقولهم، بل إطلاقهم محمول على الغالب. (ولهما) فطمه قبل حولين (إن لم يضره) الفطم لاتفاقهما وعدم
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460