مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٦
جمهور العراقيين كما قاله الزركشي. (وإنما تجب) الإجابة، (أو تسن) كما مر (بشرط) أي بشروط، منها: (أن لا يخص) بالدعوة (الأغنياء) لغناهم، لخبر: شر الطعام بل يعم عشيرته أو جيرانه أو أهل حرفته وإن كانوا كلهم أغنياء.
وليس المراد أن يعم جميع الناس لتعذره، بل لو كثرت عشيرته أو نحوها. أو خرجت الضبط، أو كان فقيرا لا يمكنه استيعابها، فالوجه كما قال الأذرعي عدم اشتراط عموم الدعوة، بل الشرط أن لا يظهر منه قصد التخصيص، قال بعض المتأخرين: ولو لغير الأغنياء، وليس بظاهر، بل لو خص بذلك الفقراء كان أولى. ومنها أن يكون الداعي مسلما، فلو كان كافرا لم تجب إجابته لانتفاء طلب المودة معه، ولأنه يستقذر طعامه لاحتمال نجاسته وفساد تصرفه، ولهذا لا يستحب إجابة الذمي كاستحباب إجابة المسلم فيما يستحب فيه إجابته، ويؤخذ من هذا أنه يستحب إجابة الذمي وإن كرهت مخالطته. ومنها أن يكون المدعو مسلما أيضا، فلو دعا مسلم كافرا لم تجب إجابته كما قاله الماوردي والروماني. (و) منها (أن يدعوه في اليوم الأول، فإن أولم ثلاثة) من الأيام أو أكثر، (لم تجب) إجابته (في) اليوم (الثاني) قطعا بل تسن فيه، (وتكره في الثالث) وفيما بعده، ففي سنن أبي داود وغيره أنه (ص) قال: الوليمة في اليوم الأول حق، وفي الثاني معروف، وفي الثالث، أي وفيما بعده رياء وسمعة. نعم لو لم يمكنه استيعاب الناس في اليوم الأول لكثرتهم أو صغر منزله أو غيرهما وجبت الإجابة، لأن ذلك في الحقيقة كما قال الأذرعي كوليمة واحدة دعي الناس إليها أفواجا في يوم واحد، ولو أولم في يوم واحد مرتين لغير عذر مما مر فالظاهر كما قال الزركشي أن الثانية كاليوم الثاني فلا تجب الإجابة. ومنها أن يكون الداعي مطلق التصرف، فلا تطلب إجابة المحجور عليه لصبا أو جنون أو سفه وإن أذن وليه، لأنه مأمور بحفظ ماله لا بإتلافه. نعم إن اتخذها الولي من ماله وهو أب أو جد فالظاهر كما قال الأذرعي وجوب الحضور. (و) منها (أن لا يحضره) أي يدعوه (لخوف) منه لو لم يحضره، (أو طمع في جاهه) أو إعانته على باطل، بل للتودد والتقرب، وكذا لا يقصد شئ كما اقتضاه كلامه ومنها أن يعين المدعو بنفسه أو نائبه، لا أن نادى في الناس، كأن قال لغيره: ادع من شئت، أو فتح الباب وقال: ليحضر من أراد، لأن الامتناع حينئذ لا يورث وحشة. ومنها أن لا يعتذر المدعو إلى الداعي ويرضى بتخلفه وإلا زال الوجوب. ومنها أن لا يسبق الداعي غيره، فلو دعاه اثنان أجاب السابق، فإن جاءا معا أجاب أقربهما رحما ثم داره. ومنها أن لا يدعوه من أكثر ماله حرام، فمن كان كذلك كرهت إجابته، فإن علم أن عين الطعام حرام حرمت إجابته وإلا فلا وتباح الإجابة، ولا تجب إذا كان في ماله شبهة، ولهذا قال الزركشي: لا تجب الإجابة في زماننا اه‍. ولكن لا بد أن يغلب على الظن أن في مال الداعي شبهة. ومنها أن لا يكون الداعي امرأة أجنبية وليس في موضع الدعوة محرم لها ولا للمدعو وإن لم يحل بها. ومنها أن يكون المدعو حرا، فلو دعا عبدا لزمه إن أذن له سيده، وكذا المكاتب إن لم يضر حضوره بكسبه، فإن ضر وأذن له سيده فوجهان، والأوجه عدم الوجوب، والمحجور في إجابة الدعوة كالرشيد. ومنها أن يدعوه في وقت الوليمة، وقد تقدم. ومنها أن لا يكون المدعو قاضيا، فإن كان لم تجب الإجابة كما بحثه بعض المتأخرين، وكذا كل ذي ولاية عامة. ومنها أن لا يكون معذورا بمرخص في ترك الجماعة كما قاله الروياني والماوردي. ومنها أن لا يكون الداعي ظالما أو فاسقا أو شريرا أو متكلفا طلبا للمباهاة والفخر، قاله في الاحياء. ومنها أن لا يتعين على المدعو حق كأداء شهادة وصلاة جنازة. (و) منها (أن لا يكون ثم) أي في موضع الدعوة (من يتأذى) المدعو (به.
أو لا يليق به مجالسته) كالأراذل، فإن كان فهو معذور في التخلف لما فيه من التأذي في الأول والغضاضة في الثاني، ولا أثر لعداوة بينه وبين الداعي، وأن لا يكون في الوليمة عدو له لا يتأذى به كما قاله الماوردي، وبحث الزركشي أن العداوة الظاهرة عذر.
(و) منها أن (لا) يوجد ثم (منكر) كخمر، أو ملاه محرمة، لحديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460