مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٨٨
موضعها فضاعت بذلك لمنافاة ذلك للحفظ، بخلاف ما إذا أعلمه بها غيره لأنه لم يلتزم حفظها، وبخلاف ما إذا ضاعت بغير ذلك أو به ولم يعين موضعها. ولو أعلمه بها هو وغيره لا شئ على غيره وعليه هو الضمان لما مر.
تنبيه: قضية كلام المصنف أنه يضمن ولو أعلم المصادر بها مكرها، وهو كذلك. قال السبكي: وهذا يجب القطع به. وفرق بينه وبين المحرم إذا دل على صيد حيث لم يضمنه، بأن الوديع التزم الحفظ بخلاف المحرم. وحمل الزركشي نقل الماوردي عن مذهب الشافعي أنه لا يضمن على قرار الضمان لا أنه لا يكون ضامنا. وقضية كلامه أيضا حصر التضييع فيما ذكره، وليس مرادا، بل منه الضياع بالنسيان. ومنه دفنها في حرز ثم ينساه. ومنه ما لو قعد في الطريق ثم قام ونسي الوديعة. ولو عين المالك للوديعة ظرفا من ظروفه فنقلها الوديع منه إلى غيره منها وهو مساو له أو أعلى منه فلا يضمن لأن الظرف والمظروف وديعتان وليس فيه إلا حفظ أحدهما في حرز والآخر في آخر، وإن كان الثاني دون المعين ضمن، وإن كانت الظروف للوديع فكالبيوت فيما مر فيها. ولو نهاه عن دخول أحد عليها، أو عن الاستعانة على حفظها بحارث، أو عن الاخبار بها فخالفه فيه، ضمن إن كان أخذها الداخل عليها أو الحارس لها أو تلفت بسبب الاخبار وإن لم يعين موضعها. وإن أخذها غير من ذكر أو تلفت لا بسبب الاخبار فلا ضمان، فقول العبادي:
ولو سأله رجل هل عندك لفلان وديعة وأخبره ضمن لأن كتمانها من حفظها، محمول على الضمان بالأخذ لا بسبب آخر.
(فلو أكرهه) أي الوديع، (ظالم) على تسليم الوديعة (حتى سلمها إليه فللمالك تضمينه) أي الوديع (في الأصح) لتسليمه، والضمان يستوي فيه الاختيار والاضطرار. (ثم يرجع) الوديع (على الظالم) لاستيلائه عليها.
والثاني: ليس له تضمينه للاكراه ويطالب الظالم، وعلى الأول مطالبة الظالم أيضا. وخرج بقوله: سلمها إليه ما لو أخذها الظالم بنفسه قهرا من غير دلالة فالضمان عليه فقط جزما. فإن قيل: رجح المصنف فيما لو أكره الصائم حتى أكل عدم الفطر مع موافقته على ترجيح التضمين هنا فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن هنا استيلاء على ملك الغير فضمناه، وفي الصوم فعله كلا فعل، لأن الحق فيه لله تعالى. ويجب على الوديع إنكار الوديعة عن الظالم والامتناع من إعلامه بها جهده، فإن ترك ذلك مع القدرة عليه ضمن، وله أن يحلف على ذلك لمصلحة حفظها، قال الأذرعي: ويتجه وجوب الحلف إذا كانت الوديعة رقيقا والظالم يريد قتله أو الفجور به. ويجب أن يوري في يمينه إذا حلف وأمكنته التورية وكأن يعرفها لئلا يحلف كاذبا، فإن لم يور كفر عن يمينه لأنه كاذب فيها، فإن حلف بالطلاق أو العتق مكرها عليه أو على اعترافه فحلف حنث لأنه فدى الوديعة بزوجته أو رقيقه، وإن اعترف بها وسلمها ضمنها لأنه فدى زوجته أو رقيقه بها، ولو أعلم اللصوص بمكانها فضاعت بذلك ضمن لمنافاة ذلك للحفظ لا إن أعلمهم بأنها عنده من غير تعيين مكانها فلا يضمن بذلك. (ومنها) أي عوارض الضمان، (أن ينتفع بها بأن يلبس) الثوب مثلا (أو يركب) الدابة (خيانة) بخاء معجمة، أي لا لعذر فيضمن لتعديه. قال المتولي: ومنه القراءة في الكتاب. وخرج بقوله: خيانة ركوب الجموح للسقي، أو خوف الزمانة عليها، ولبس الصوف ونحوه لدفع الدود ونحوه، وما لو أودعه خاتمه وأمره بلبسه في خنصره فجعله في بنصره فإنه لا يضمن لأنه أحرز لكونه أغلظ، إلا إن جعله في أعلاه أو في وسطه أو انكسر لغظ البنصر فيضمن لأن أسفل الخنصر. البنصر فيضمن لأن أسفل الخنصر أحفظ من أعلى البنصر ووسطه في غير الأخيرة وللمخالفة في الأخيرة. وإن قال له:
اجعله في البنصر فجعله في الخنصر، فإن كان لا ينتهي إلى أصل البنصر فالذي فعله أحرز فلا ضمان، وإلا ضمن. ولو لم يأمره بشئ فوضعه في الخنصر لا غيرها ضمن لأنه استعمله بلا ضرورة، بخلاف ما لو وضعه في غيرها لأن ذلك لا يعد استعمالا، نعم إن قصد بلبسه فيها الحفظ لم يضمن. وغير الخنصر للمرأة في حفظها للخاتم كالخنصر، لأنها قد تتختم في غيره.
قال الأسنوي: والخنثى يحتمل إلحاقه بالرجل إذا لبس الخاتم في غير خنصره، لأن الأصل عدم الضمان، ويحتمل مراعاة الأغلظ هنا وهو التحاقه بالمرأة كما غلظنا في إيجاب الزكاة فألحقناه بالرجل اه‍. وهذا الثاني هو المتجه.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460