مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٩
نواها، بأن دليل الدخول هنا موجود وهو مشافهة الحاضرين وعدم علمه بأن زوجته فيهم لا يمنع الايقاع كمن خاطبها يظنها غيرها. وأجيب عن الأول بأن معنى الطلاق شرعا: قطع عصمة النكاح، ولم يقصده الواعظ، بخلاف من خاطب زوجته يظنها غيرها، وعن الثاني بأن ذلك إنما يكون بحسب القصد للتغليب ولا قصد. (ولو لفظ أعجمي) أو غيره (به) أي الطلاق (بالعربية) أو غيرها مما لا يعرفه، (ولم يعرف معناه) سواء ألقنه أم لا، (لم يقع) لانتفاء قصده، وقيده المتولي بمن لم يكن مخالطا لأهل اللسان وإلا لم يقبل ظاهرا، ويصدق في أنه لا يعرف معناه، لأنه الظاهر من حاله، قاله في الاستقصاء. (وقيل: إن نوى) العجمي به (معناها) أي العربية عند أهلها، (وقع) لأنه قصد لفظ الطلاق لمعناه. وأجاب الأول بأنه إذا لم يعرف معناه لا يصح قصده، ولو لم يعرف معناه وقصد به قطع النكاح لم تطلق كما لو أراد الطلاق بكلمة لا معنى لها. (ولا يقع طلاق مكره) بغير حق، خلافا لأبي حنيفة، كما لا يصح إسلامه، لقوله (ص) : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولخبر: لا طلاق في إغلاق أي إكراه، رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده على شرط مسلم، ولأنه قول لو صدر منه باختياره طلقت زوجته وصح إسلامه، فإن أكره عليه بباطل لغا كالردة. نعم تقدم في شروط الصلاة أنه لو تكلم فيها مكرها بطلت صلاته لندرة الاكراه فيها، فإن كان الاكراه بحق وقع الطلاق وصح الاسلام، وصور الطلاق بحق جمع بإكراه القاضي المولى بعد مدة الايلاء على طلقة واحدة، فإن أكره على الثلاث فتلفظ بها لغا الطلاق لأنه يفسق بذلك وينعزل به. فإن قيل: المولى لا يؤمر بالطلاق عينا بل به أو بالفيئة، ومثل هذا ليس بإكراه يمنع الوقوع، كما لو أكره على أن يطلق زوجته أو يعتق عبده فأتى بأحدهما فإنه ينفذ. أجيب بأن الطلاق قد يتعين في بعض صور المولى كما لو آلى وهو غائب فمضت المدة فوكلت بالمطالبة فرفعه وكيلها إلى قاضي البلد الذي فيه الزوج وطالبه فإن القاضي يأمره بالفيئة باللسان في الحال وبالمسير إليها أو بحملها إليه أو الطلاق، فإن لم يفعل ذلك حتى مضى مدة إمكانه ذلك ثم قال أسير إليها الآن لم يمكن بل يجبر على الطلاق عينا، هكذا أجاب به ابن الرفعة. وهو إنما يأتي تفريعا على مرجوح، وهو أن القاضي يكره المولى على الفيئة أو الطلاق، والأصح أن الحاكم هو الذي يطلق على المولى الممتنع كما سيأتي في بابه، وحينئذ فلا إكراه أصلا حتى يحترز عنه بغير حق. ويستثنى من إطلاق المكره ما لو أكره شخصا على طلاق زوجة نفسه فإنه يقع لأنه إذن وزيادة، ولا يستثنى ما إذا أكره على الطلاق فنوى لأن هذا ليس مكرها. ولو أكره غير الزوج الوكيل في الطلاق عليه لغا أو الزوج وقع لأنه أبلغ في الاذن كما مر. وأما الاكراه على الاسلام بحق فإكراه المرتد والحربي عليه بخلاف الذمي فإنه مقر على كفره بالجزية، والمعاهد كالذمي كما بحثه ابن الرفعة. (فإن ظهرت) من مكره، بفتح الراء، (قرينة اختيار) منه للطلاق، (بأن) أي كأن (أكره) بضم الهمزة، (على ثلاث فوحد) أي طلق واحدة، (أو) على طلاق (صريح أو) على (تعليق) له، (فكنى) ونوى، (أو نجز، أو على) أن يقول: (طلقت) زوجتي (فسرح) بتشديد الراء، أي قال سرحتها، (أو) وقع الاكراه (بالعكوس) لهذه الصور، بأن أكره على واحدة فثلث أو كناية فصرح أو تنجيز فعلق، أو على أن يقول: سرحت، فقال: طلقت، (وقع) الطلاق في الجميع لأن مخالفته تشعر باختياره فيما أتى به. (وشرط) حصول (الاكراه قدرة المكره) بكسر الراء، (على تحقيق ما هدد به) المكره بفتحها، تهديدا عاجلا ظلما (بولاية أو تغلب وعجز المكره) بفتح الراء، (عن دفعه) أي المكره بكسرها، (بهرب وغيره) كاستغاثة بغيره، (وظنه أنه إن امتنع) من فعل ما أكره عليه (حققه) أي فعل ما خوفه به لأنه لا يتحقق العجز
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460