مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٨٩
الرافعي أوجه، ومحل الخلاف في إجبار الكتابية على منع أكل لحم الخنزير إذا كانت تعتقد حله كالنصرانية، فإن كانت تعتقد تحريمه كاليهودية منعها منه قطعا (و) الكتابية (تجبر هي ومسلمة على غسل ما نجس من أعضائها) ليتمكن من الاستمتاع بها كما علله الرافعي وعلله الماوردي، لما يلحقه من المشقة بالتنجيس. وقضية ذلك أنه لا يجوز الاستمتاع بعضو نجس، والظاهر أن محله إذا كان يتولد منه تنجيس وإلا فلا كما بحثه الأذرعي، وفي قدر ما يجبرها على الغسل من أكل لحم الخنزير وجهان في الحاوي، أحدهما: سبعا كولوغه، والثاني: مرة واحدة لأنه لحق نفسه اه‍. والأول أوجه.
تنبيه: تخصيص المصنف بالأعضاء قد يخرج الثوب، وليس مرادا، فقد قال الماوردي: له منعها من لبس ما كان نجسا قطعا، وفي الروضة: له منعها من لبس جلد الميتة قبل دباغه وليس ما له رائحة كريهة، وله إجبارها أيضا على التنظيف بالاستحداد وقلم الأظافر وإزالة شعر الإبط والأوساخ إذا تفاحش شئ في ذلك، وكذا إن لم يتفاحش. وله منعها من أكل ما يتأذى من رائحته كبصل وثوم، ومن أكل ما يخاف منه حدوث المرض. وله منع الكتابية من شرب ما يسكر، وكذا من البيع والكنائس كما يمنع المسلمة من شرب النبيذ إذا كانت تعتقد إباحته من القدر الذي يأسكر، وكذا من غيره ومن المساجد والجماعات. وكالزوج فيما ذكر السيد كما فهم بالأولى. وليس له إجبار أمته المجوسية أو والوثنية على الاسلام لأن الرق أفادها الأمان من القتل. (وتحرم متولدة من وثني) أو مجوسي (وكتابية) جزما، لأن الانتساب إلى الأب وهو لا تحل مناكحته. (وكذا عكسه) أي متولدة من كتابي ووثنية أو مجوسية، (في الأظهر) تغليبا للتحريم. والثاني: تحل لأنها تنسب للأب. وهذا في صغيرة أو مجنونة، فإن بلغت عاقلة ثم تبعت دين الكتابي منهما لحقت به فيحل نكاحها، قاله الشافعي رضي الله عنه، لأن فيها شعبة من كل منهما لكنا غلبنا التحريم ما دامت تابعة لاحد الأبوين، فإذا بلغت واستقلت واختارت دين الكتابي قويت تلك الشعبة. وقيل: لا تلحق به، فلا يحل نكاحها كالمتولدة بين مجوسيين. وتأول قائله النص على ما إذا كان أحد أبويها يهوديا والآخر نصرانيا فبلغت واختارت دين أحدهما، وصححه الرافعي في أول كتاب الصيد والذبائح. قال الأذرعي: وتأويل النص بما ذكر عجيب، فقد صورها في الأم بأن أحد أبويها نصراني والآخر مجوسي اه‍. فالأولى أن يقال النص هنا غير معمول به لما عرف من ذلك في محل آخر اطلع عليه الأصحاب ورجحوه. (وإن خالفت السامرة) وهي طائفة تعد من اليهود، وسميت بذلك لنسبتها إلى أصلها السامري عابد العجل، (اليهود، والصابئون) وهي طائفة من النصارى سميت بذلك، قيل: لنسبتها إلى صابئ عم نوح عليه الصلاة والسلام. وقيل: لخروجها من دين إلى دين، وكان الكفار يسمون الصحابة صابئة لخروجهم عن دينهم إلى الاسلام. (النصارى في أصل) أي أصول (دينهم حرمن) لكفرهم بكتابهم وإن وافقوهم في الفروع، (وإلا) أي وإن لم يخالفوهم في ذلك بأن علمنا به، وإن خالفوهم في الفروع، (فلا) يحرمن لأنهم مبتدعة كما في أهل القبلة الصنفين، فإطلاق الصابئة على من ذكر هو المراد، ويطلق أيضا على قوم أقدم من النصارى كانوا في زمن إبراهيم عليه السلام، قيل إنهم كانوا يقولون إن الفلك حي ناطق، ويقولون بأن الكواكب السبعة هي المدبرة، فيضيفون الآثار إليها وينفون الصانع المختار، ووجدوا في زمن الإصطخري والمحاملي وأفتيا بقتلهم لما استفتى القاهر الفقهاء فيهم فبذلوا له أموالا كثيرة فتركهم، فالبلاء قديم. وظاهر أن هؤلاء لا تحل مناكحتهم ولا ذبيحتهم ولا يقرون بالجزية.
تنبيه: ليس في كلام المصنف ما إذا شككنا أن يخالفونهم في الأصول أم الفروع؟ والمجزوم به في الروضة أنهم لا يناكحون. (ولو تهود نصراني أو عكسه) أي تنصر يهودي، (لم يقر) بالجزية (في الأظهر) لقوله تعالى: * (ومن يبتغ
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460