مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٩٤
ووجهه أنه كما تثبت الصحة للنكاح تثبت للمسمى، وهو ظاهر على قول الصحة، وأما على قول الفساد فظاهر كلامهم أنه كذلك. وبحث السبكي أنه لا يجب المسمى بل مهر المثل. (وأما) المسمى (الفاسد كخمر) معينة أو في الذمة، (فإن قبضته) أو قبضه وليها وهي محجور عليها (قبل الاسلام) ولو بإجبار قاضيهم كما بحثه الزركشي، (فلا شئ لها) لخبر: الاسلام يجب ما قبله ولانفصال الامر بينهما وانقطاع المطالبة قبل الاسلام.
تنبيه: ظاهر كلامه جريان هذا في كل فاسد، وليس مرادا، فإنه لو أصدقها حرا مسلما أسروه واسترقوه ثم أسلما لم يقر في يده ويجب لها مهر المثل، قال صاحب الكافي: لأن الفساد فيه لحق المسلم، وفي نحو الخمر لحق الله تعالى، وأيضا لأنا نقرهم حال الكفر على نحو الخمر دون أسر المسلم. وألحق بالمسلم في ذلك عبده ومكاتبه وأم ولده كما في نص الأم، بل يلحق به سائر ما يختص بالمسلم والكافر المعصوم وهل إذا باع الكافر الخمر يملك ثمنه حتى إذا كان المسلم عليه دين ودفع له ثمن ذلك يجب عليه قبوله أم لا؟ أجاب بالأول القفال في فتاويه، وصحح الرافعي في باب الجزية الثاني، وهو المعتمد، بل يجوز له قبوله. (وإلا) أي وإن لم تقبضه قبل الاسلام بأن لم تقبضه أصلا أو قبضته بعد الاسلام سواء أكان بعد إسلامهما أم إسلام أحدهما كما نص عليه في الأم، (فمهر مثل) لها، لأنها لم ترض إلا بالمهر والمطالبة بالخمر في الاسلام ممتنعة فرجع إلى مهر المثل كما لو نكح المسلم على خمر. (وإن قبضت) قبل الاسلام (بعضه) أي المسمى الفاسد من خمر ونحوه ثم أسلما، (فلها قسط ما بقي من مهر مثل) لا ما بقي من المسمى لتعذره بالاسلام إلحاقا للجزء بالكل في القبض وعدمه.
تنبيه: لم يبين المصنف كيفية التقسيط، وقد بينه ابن المقري في روضه تبعا لاصله، فقال: والمعتبر في تقسيط الخمر ونحوها مما هو مثلي لو فرض مالا الكيل ولو تعدد الزق، فلو أصدقها زقي خمر فقبضت أحدهما اعتبر في التقسيط الكيل لا الوزن ولا العدد ولا القيمة، نعم إن زاد أحدهما على الآخر قيمة لزيادة وصف فيه اعتبرت القيمة. والمعتبر في الكلاب ونحوها القيمة بتقدير المالية عند من يجعل لها قيمة لا العدد. فإن قيل: قد مر في الوصية أنه لو أوصى بكلب من كلابه ولم يكن له إلا كلب أنه يعتبر العدد لا القيمة، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الوصية محض تبرع، فاغتفر فيها ما لا يغتفر في المعاوضات. ولو أصدقها جنسين فأكثر كزقي خمر وكلبين وسلم لها البعض في الكفر فالمعتبر هنا القيمة بتقدير المالية عند من ذكر في الجميع كتقدير الحر عبدا في الحكومة، لكن لو تعدد الجنس وكان مثليا كزق خمر وزق بول وقبضت بعض كل منهما على السواء، فالظاهر اعتبار الكيل كما بحثه شيخنا. ولو نكح الكافر على صورة التفويض واعتقدوا أن لا مهر لمفوضته بحال ثم دخل بها بعد الاسلام فلا شئ لها عليه، لأنه استحق وطأها بلا مهر. فإن قيل: قد قالوا في باب الصداق: إنه لو نكح ذمي ذمية تفويضا وترافعا إلينا حكمنا لها بالمهر فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن ما هنا في الحربيين وفيما إذا اعتقدوا أن لا مهر بحال بخلافه ثم فيهما. (ومن اندفعت بإسلام) منها أو من زوجها، (بعد دخول) بها بأن أسلم أحدهما ولم يسلم الآخر في العدة، (فلها المسمى الصحيح إن صح نكاحهم) لاستقراره بالدخول. قال الجلال البلقيني: ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو نكح أما وبنتها ثم دخل بالام فقط فإن البنت تحرم أبدا، وكذا الأم على المذهب. قالوا: وللأم مهر المثل، فهذه اندفعت بإسلام بعد دخول ولا تستحق المسمى اه‍. وستأتي هذه المسألة، وإن ذلك محمول على ما إذا كان المسمى فاسدا، فإذا لا استثناء، (وإلا) أي وإن لم يصححه أو كان زوجها قد سمى لها فاسدا، (فمهر مثل) لها في مقابلة الوطئ على الأصل السابق (أو) لم تندفع بعد دخول بل اندفعت بإسلام (قبله) أي الدخول، (وصحح) أي وفرعنا على صحة أنكحتهم (فإن كان الاندفاع بإسلامها فلا شئ لها) على المشهور لأن الفرقة قد حصلت من جهتها. وقيل قولان،
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460