مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٧٣
في الحال وجب قيمة ولد أمة العبد المأذون دون قيمة ولد الأمة المرهونة والجانية والموروثة، لأن حق المرتهن والمجني عليه ورب الدين المتعلق بالتركة لا يتعلق بالولد. ووقع في أصل الروضة أنه جعل الأمة الموروثة كأمة المأذون، وإنما يأتي ذلك على القول بأن الدين يتعلق بزوائد التركة، والمذهب المنع، نبه على ذلك الأسنوي. وإعتاق أمة المديون والموروثة كإعتاق الجاني. (فإن طلبت) من السيد التزويج، (لم يلزمه تزويجها) وإن حرمت عليه، لما فيه من تنقيص القيمة وتفويت الاستمتاع بها عليه. (وقيل: إن حرمت عليه) تحريما مؤبدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة، أو كانت بالغة كما قاله ابن يونس تائقة خائفة الزنا كما قاله الأذرعي، (لزمه) إذ لا يتوقع منه قضاء شهوة، ولا بد من إعفافها. أما إذا كان التحريم لعارض كأن ملك أختين فوطئ إحداهما ثم طلبت الأخرى تزويجها، أو لم يكن كما ذكر، فإنه لا يلزمه إجابتها قطعا. وإذا كانت الأمة لامرأة قال صاحب البيان: ينبغي أن يكون في إجبارها الخلاف فيما إذا كانت لرجل وهو لا يملك الاستمتاع بها. (وإذا زوجها) أي السيد أمته، (فالأصح أنه بالملك لا بالولاية) لأنه يملك التمتع بها في الجملة والتصرف فيما يملك استيفاءه، ونقله إلى الغير يكون بحكم الملك كاستيفاء سائر المنافع ونقلها بالإجارة. والثاني: بالولاية، لأن عليه مراعاة الحظ، ولهذا لا يزوجها من معيب كما مر.
تنبيه: قضية كلامه أن الخلاف لا يتأتى في تزويج العبد، وهو كذلك. قال الرافعي: إلا إذا قلنا للسيد إجباره.
قال السبكي: وهو صحيح: وعلى الأول (فيزوج مسلم أمته الكافرة) بخلاف الكافر فليس له أن يزوج أمته المسلمة، إذ لا يملك التمتع بها أصلا. بل ولا سائر التصرفات فيما سوى إزالة الملك عنها وكتابتها، بخلاف المسلم في الكافرة، ولان حق المسلم في الولاية آكد، ولهذا تثبت له الولاية على الكافرات بالجهة العامة. وعبر في المحرر بالكتابية، فعدل المصنف إلى الكافرة فشمل المرتدة ولا تزوج بحال والوثنية والمجوسية، وفيهما وجهان: أحدهما لا يجوز جزم به البغوي لأنه لا يملك التمتع بها. والثاني: يجوز وهو المعتمد كما هو ظاهر نص الشافعي، وصححه الشيخ أبو علي، وجزم به شراح الحاوي الصغير، لأن له بيعها وإجارتها. وعدم جواز التمتع بها الذي علل به البغوي جزمه بالمنع في غير الكتابية لا يمنع ذلك كما في أمته المحرم كأخته. (و) يزوج على الأول أيضا (فاسق) أمته (ومكاتب) كتابة صحيحة يزوج أمته بالملك. وقضيته أنه يستقل به ولا يحتاج إلى إذن السيد، وليس مرادا لضعف ملكه، فلا بد من إذن سيده. وعلى الثاني لا يزوج واحد من الثلاثة من ذكرت، لأن المسلم لا يلي الكافرة، والفسق يسلب الولاية، والرق يمنعها كما مر. وإذا ملك المبعض ببعضه الحر أمة، قال البغوي في فتاويه ألا يزوجها ولا تزوج بإذنه. وهذا فرعه على أن السيد يزوج بالولاية، والأصح كما في تهذيبه أنه بالملك كما مرت الإشارة إليه، وعليه فيصح تزويج المبعض كالمكاتب بل أولى لأن ملكه تام، ولهذا تجب عليه الزكاة. (ولا يزوج ولي عبد) محجور عليه من (صبي) وصبية وسفيه ومجنون لما فيه من انقطاع أكسابه وفوائده عنهم.
تنبيه: قال في الدقائق: وهذه العبارة أصوب من قول المحرر، ولا يجبره لأنه لا يلزم مع عدم إجباره منع تزويجه برضاه والصحيح منعه اه‍. ومع هذا لو عبر بالمحجور عليه كما قدرته لكان أولى. (ويزوج) ولي الصبي من أب وجد (أمته في الأصح) إذا ظهرت الغبطة كما قيداه في الروضة وأصلها اكتسابا للمهر والنفقة. والثاني: لا يزوجها لأنه قد تنقص قيمتها، وقد تحبل فتهلك. وأمة غير الصبي ممن ذكر معه كأمته، لكن لا تزوج أمة السفيه إلا بإذنه كما أنه لا يزوج إلا بإذنه. وقول الأذرعي: ينبغي أن يعتبر مع ذلك حاجته إلى النكاح، فلو كان غير محتاج إليه فالولي لا يملك تزويجه حينئذ فكذلك لا يزوج أمته ممنوع، ويكفي في ذلك أنه يملك تزويجه في الجملة. والسلطان كالأب والجد في أمة من به سفه أو جنون لأنه يلي مال مالكه، ونكاحه، بخلاف أمة الصغير والصغيرة لا يزوجها وإن ولي مالهما. لأنه لا يلي نكاحهما ولو كان الصغير كافرا وأمته مسلمة لم يجز لوليه تزويجها، ويزوج الأب وإن علا أمة الثيب المجنونة، لأنه يلي
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460