مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٥٥
فلا اعتبار بهما، والرجوع فيه إلى قول الزوجين لأن العقد لهما فلا يقبل فيه قول غيرهما. وجزم فيما لو زوجها بعد تأهل الأقرب أنه لا يصح سواء أعلم بذلك أم لم يعلمه. (والاغماء إن كان لا يدوم غالبا) كالحاصل بهيجان المرة الصفراء، (انتظر إفاقته) قطعا كالنائم، (وإن كان يدوم) يوما أو يومين أو (أياما انتظر) أيضا على الأصح، لأنه قريب الزوال كالنوم (وقيل) لا تنتظر إفاقته بل تنتقل الولاية (للأبعد) كالجنون والسكر بلا تعد في معنى الاغماء، فإن دعت حاجتها إلى النكاح في زمن الاغماء أو السكر فظاهر كلام الشيخين أن الحاكم لا يزوجها، وهو كذلك، وإن قال المتولي يزوجها. (ولا يقدح العمى) في ولاية التزويج (في الأصح) لحصول المقصود بالبحث والسماع.
والثاني: يقدح، لأنه نقص يؤثر في الشهادة فأشبه الصغر. وفرق الأول بأن شهادته إنما ردت لتعذر التحمل، ألا ترى أنها تقبل فيما تحمله قبل العمى إذا لم يحتج إلى إشارة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابها؟ ويجئ خلاف الأعمى في الأخرس المفهم لغيره مراده بالإشارة التي لا يختص بفهمها الفطنون. ولا ريب أنه إن كان كاتبا تكون الولاية له فيوكل بها من يزوج موليته أو يزوجه، وهذا مراد الروضة بأنه سوى بين الإشارة المفهمة والكتابة، وأسقطها ابن المقري نظرا إلى تزويجه لا إلى ولايته، ولا ريب أنه لا يزوج بها لأنها كناية كما مرت الإشارة إلى ذلك. (ولا ولاية لفاسق) غير الإمام الأعظم مجبرا كان أو لا، فسق بشرب الخمر أو لا، أعلن بفسقه أو لا، (على المذهب) بل تنتقل الولاية للأبعد لحديث: لا نكاح إلا بولي مرشد رواه الشافعي في مسنده بسند صحيح، وفال الإمام أحمد: إنه أصح شئ في الباب. ونقل ابن داود عن الشافعي في البويطي أنه قال: المراد بالمرشد في الحديث العدل، ولأنه نقص يقدح في الشهادة فيمنع الولاية كالرق، ولا يرد سيد الأمة لأنه يزوج بالملك لا بالولاية كما مر، وفي المسألة طرق جمعها بعضهم ثلاث عشرة طريقة، أشهرها على ما قاله الشيخان طريقة القولين، أصحهما عند الأكثرين ما قاله المصنف، فكان ينبغي أن يعبر بالأظهر. والقول الثاني: أنه يلي، وبه قال مالك وأبو حنيفة وجماعات، لأن الفسقة لم يمنعوا من التزويج في عصر الأولين. وصححه الشيخ عز الدين، وعلله بأن الوازع الطبعي أقوى من الوازع الشرعي. وأفتى الغزالي بأنه إن كان لو سلب الولاية لانتقلت إلى حاكم فاسق ولي وإلا فلا، قال: ولا سبيل إلى الفتوى بغيره، إذ الفسق قد عم البلاد والعباد. قال المصنف: وهذا الذي قاله حسن، وينبغي العمل به، واختاره ابن الصلاح في فتاويه.
وقال الأذرعي: ليس هذا مخالفا للمشهور عن العراقيين والنص والحديث، بل ذلك عند وجود الحاكم المرضي العالم الأهل، وأما غيره من الجهلة والفساق فكالعدم كما صرح به الأئمة في الوديعة وفي غيرها اه‍. والأوجه إطلاق المتن لأن الحاكم يزوج للضرورة، وقضاؤه نافذ. أما الإمام الأعظم فلا يقدح فسقه لأنه لا ينعزل به، فيزوج بناته وبنات غيره بالولاية العامة تفخيما لشأنه، فعليه إنما يزوج بناته إذا لم يكن لهن ولي غيره كبنات غيره، ويزوج الفاسق نفسه لأن غايته أن يضر بها، ويحتمل في حق نفسه ما لا يحتمل في حق غيره، ولهذا يقبل إقراره على نفسه، ولا تقبل شهادته على غيره، والفسق يتحقق بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة، ولم تغلب طاعاته على معاصيه. ولا يلزم من أن الفاسق لا يلي اشتراط أن يكون الولي عدلا لأن بينهما واسطة، فإن العدالة ملكة تحمل على ملازمة التقوى، والصبي إذا بلغ ولم يصدر منه كبيرة ولم تحصل له تلك الملكة لا عدل ولا فاسق وقد نقل الإمام والغزالي الاتفاق على أن المستور يلي، وأثبت غيرهما فيه خلافا. وأصحاب الحرف الدنيئة يلون كما رجح في الروضة انقطع به بعد حكاية وجهين. وحيث منعنا ولاية الفاسق، فقال البغوي: إذا تاب زوج في الحال، وكذا ذكره الخوارزمي، وذكر المتولي وغيره نحوه في العضل. ووجه بأن الشرط في ولي النكاح عدم الفسق لا قبول الشهادة المعتبر فيها العدالة المتقدم تعريفها والاستبراء إنما يعتبر لقبول الشهادة، وهذا هو المعتمد لأنه بالتزويج في العضل زال ما لأجله عصى وفسق قطعا، وبتوبته عن فسق آخر صار مستور العدالة، وتقدم أنه يزوج. وقال ابن المقري: لا يزوج في الحال بل لا بد من الاستبراء
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460