مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٥٩
علمها الشهود والولي، وإلا فيحتاج الوكيل إلى التصريح فيهما.
تنبيه: قد يفهم قول المصنف: فيقول أنه لا يجوز تقديم القبول على الايجاب، كقول وكيل الزوج: قبلت نكاح فلانة منك لفلان فيقول الولي: زوجتها له؟ وليس مرادا، فإن الذي جزم به في الروضة الجواز وسيأتي ما يدل عليه.
فروع: لو قال الولي لوكيل الزوج: زوجتك بنتي فقال: قبلت نكاحها لموكلي لم يصح العقد لعدم التوافق، فإن قال: قبلت نكاحها وسكت انعقد له. ولا يقع العقد للموكل بالنية بخلاف البيع، لأن الزوجين هنا بمثابة الثمن والمثمن في البيع، فلا بد من ذكرهما، ولان البيع يرد على المال وهو يقبل النقل من شخص إلى آخر فيجوز أن يقع للوكيل ثم ينتقل للموكل والنكاح يرد على البضع وهو لا يقبل النقل. وإنكار الموكل في نكاحه للوكالة يبطل النكاح بالكلية بخلاف البيع لوقوعه للوكيل كما مر في كتاب الوكالة. وليقل وكيل الولي لوكيل الزوج: زوجت فلانة فلانا فيقول وكيل الزوج: قبلت نكاحها له، ولو قال وكيل الزوج: قبلت نكاح فلانة منك لفلان، فقال وكيل الولي: زوجتها فلانا صح، لأن تقديم القبول على الايجاب جائز كما مر، فإن اقتصر وكيل الولي على قوله: زوجتها لم يصح كما لو تقدم على القبول، ولو أراد الأب أن يقبل النكاح لابنه بالولاية فليقل له الولي: زوجت فلانة بابنك، فيقول الأب: قبلت نكاحها لابني. ولا يشترط في التوكيل بقبول النكاح أو إيجابه ذكر المهر، فإن لم يذكره الزوج فيعقد له وكيله على من يكافئه بمهر المثل فما دونه، فإن عقد بما فوقه صح بمهر المثل قياسا على نظيره في الخلع خلافا لما في الأنوار من جزمه بعدم الصحة. وإن عقل وكيل الولي بدون ما قدر له الولي صح بمهر المثل، خلافا لما جرى عليه ابن المقري من عدم الصحة. وإن عقد وكيل الزوج بأكثر مما أذن له فيه الزوج صح بمهر المثل على المذهب المنصوص كما قاله الزركشي، خلافا لما في الأنوار من الجزم بعدم الصحة.
ولو قال الولي للوكيل: زوجها بشرط رهن أو ضمين بالمهر فلم يمتثل لم ينعقد تزويجه، بخلاف ما لو قال: زوجها بكذا وخذ به رهنا أو كفيلا فزوجها ولم يمتثل فإن العقد يصح كما في البيع فيهما. ولو وكله أو يزوجه امرأة ولم يعين المرأة لم يصح التوكيل كما في الوكالة بشراء عبد لم يصفه بل أولى، بخلاف ما لو قال: زوجني من شئت فيصح لأنه عام. وما ذكر مطلق ودلالة العام على إفراده ظاهرة، بخلاف المطلق لا دلالة له على فرد، وبخلاف ما لو وكلت المرأة أو الولي فإنه لا يشترط تعيين الزوج كما مر في إلزام الزوج من الحقوق ولا كذلك هي. ولو قال شخص لآخر: زوجني فلانة بعبدك هذا مثلا ففعل صلح وملكته المرأة في أحد وجهين رجحه الأذرعي، وهو قرض في أحد وجهين رجحه الأذرعي أيضا. (ويلزم المجبر) وهو الأب أو الجد، بنصب المجبر مفعولا مقدما، (تزويج) بالرفع على أنه فاعل مؤخر، (مجنونة) أطبق جنونها (بالغة) محتاجة ولو ثيبا، لاكتسابها المهر والنفقة، وربما كان جنونها لشدة الشبق. (ومجنون) بالغ أطبق جنونه و (ظهرت حاجته) للنكاح بظهور رغبته فيه، إما بدورانه حول النساء وتعلقه بهن أو بتوقع شفائه بالوطئ بقول عدلين من الأطباء لظهور المصلحة المترتبة على ذلك، فإن تقطع جنونهما لم يزوجها حتى يفيقا ويأذنا، ومعلوم أن ذلك في غير البكر، ويشترط وقوع العقد في حال الإفاقة.
تنبيه: لو قال المصنف: يزوجان بكبر لحاجة لكان أولى، إذ لا فرق بينهما. وقول الشارح: والحكمة في المخالفة بينهما، أن تزويجها يفيدها المهر والنفقة وتزويجه يغرمه إياهما بحسب ما فهمه، إذ وجود الحاجة كاف فيهما، ولذا عبر شيخنا في منهجه بما قلته واعتذر عن المصنف بأن البلوغ مظنة الاحتياج إلى النكاح، ولهذا لم يقيد المجنون بالبلوغ لدلالة الحاجة عليه. وقيل: إن ذلك مشتمل على النوع المسمى في البديع بالاحتباك، وهو أن يحذف من أول الكلام ما أثبت آخره وعكسه، فحذف ظهور الحاجة في المجنونة وأثبت البلوغ فيها وحذف البلوغ في المجنون وذكر الحاجة فيه، فهو نظير قوله تعالى: * (فئة تقاتل في سبيل الله) *، أي مؤمنة، * (وأخرى كافرة) * أي تقاتل في سبيل الشيطان. ولا يخالف هذا قول المصنف الآتي: ويزوج المجنونة أب وجد إن ظهرت مصلحة، ولا تشترط الحاجة لأن ذلك في جواز التزويج له وهذا في لزومه ولو احتاج مجنون لمن يخدمه وليس في محارمه من يقوم بخدمة ومؤن النكاح أخف من شراء أمة ومؤنتها فإنه يزوج،
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460