مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٤١
لفظ الطلاق وأراد معناه وهو لا يعرفه. قال: وصورته أن لا يعرفها إلا بعد إتيانه بها، فلو أخبره بمعناه قبل صح إن لم يطل الفصل. (لا بكناية) كأحللتك ابنتي لا يصح بها النكاح، إذ لا اطلاع للشهود على النية. وقوله: (قطعا) من زيادته على المحرر، قال السبكي: وهي زيادة صحيحة. فاعترضه الزركشي بأن في المطلب حكاية خلاف فيه، والمراد الكناية بالصيغة، أما في المعقود عليه فيصح، فإنه لو قال: زوجتك ابنتي فقبل ونويا معينة صح النكاح كما مر مع أن الشهود لا اطلاع لهم على النية، فالكناية معتبرة في ذلك. ولا ينعقد بكتابة في غيبة أو حضور لأنها كناية، فلو قال لغائب: زوجتك ابنتي، أو قال: زوجتها من فلان ثم كتب فبلغه الكتاب، أي الخبر، فقال: قبلت لم يصح وينعقد بإشارة الأخرس التي لا يختص بها فطنون، أما ما يختص بها الفطنون فإنه لا ينعقد بها لأنها كناية، وفي المجموع في كتاب البيع أنه ينعقد نكاح الأخرس بالكتابة بلا خلاف. فإن قيل الكتابة كناية هنا كما مر، وفي الطلاق على الصحيح عند المصنف، فكيف ينعقد نكاحه عنده بلا خلاف؟ أجيب بأنه إنما اعتبر الكتابة في صحة ولايته لا في تزويجه، ولا ريب أنه إذا كان كاتبا تكون الولاية له، فيوكل من يزوجه أو يزوج موليته، والسائل نظر إلى من يزوجه لا إلى ولايته، ولا ريب أنه لا يزوج بها. (ولو قال) الولي: (زوجتك) الخ (فقال) الزوج (قبلت) واقتصر عليه، (لم ينعقد) هذا النكاح (على المذهب) لأنه لم يوجد منه التصريح بواحد من لفظي النكاح والتزويج ونيته لا تفيد.
وفي قول ينعقد بذلك لأنه ينصرف إلى ما أوجبه الولي فإنه كالمعاد لفظا كما هو الأصح في نظيره من البيع، وفرق الأول بأن القبول وإن انصرف إلى ما أوجل البائع إلا أنه من قبيل الكنايات، والنكاح لا ينعقد بها بخلاف البيع. وقيل بالمنع قطعا، وقيل بالصحة قطعا. (ولو قال) الخاطب للولي: (زوجني) بنتك الخ، (فقال) الولي له: (زوجتك) الخ (أو قال الولي) للخاطب: (تزوجها) أي بنتي الخ، (فقال) الخاطب: (تزوجت) الخ: (صح) النكاح في المسألتين وإن لم يقبل الزوج بعد ذلك لوجود الاستدعاء الجازم، ولما في الصحيحين: أن الاعرابي الذي خطب الواهبة نفسها للنبي (ص)، قال له: زوجنيها فقال: زوجتكها بما معك من القرآن. ولم ينقل أنه قال بعد ذلك: قبلت نكاحها. وخرج بذلك ما لو قال الخاطب: زوجني ابنتك أو تزوجنيها أو قال الولي: أتتزوج ابنتي فإنه لا يصح لأنه استفهام، وتقدم نظيره في البيع.
فرع: لو قال الخاطب للولي: زوجت نفسي ابنتك وقبل الولي، ففي انعقاده بهذا خلاف مبني على أن كل واحد من الزوجين معقود عليه لأن بقاءهما شرط لبقاء العقد كالعوضين في البيع أو المعقود عليه المرأة فقط، لأن العوض من جهة الزوج المهر لا نفسه. ولأنه لا حجر عليه في نكاح غيرها معها. والصحيح أن الزوج ليس معقودا عليه كما نقله الرافعي عن الأكثرين في باب الطلاق في الكلام على قوله أنا منك طالق، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في أول كتاب النكاح، فعليه لا ينعقد النكاح بذلك لأنه جعل نفسه معقودا عليه، ولان زوجت إنما يليق بالولي لا بالزوج. (و) يشترط كون النكاح منجزا، وحينئذ (لا يصح تعليقه) ك‍ إذا طلعت الشمس فقد زوجتك بنتي كما في البيع ونحوه من باقي المعاوضات، بل أولى لمزيد اختصاصه بالاحتياط. ولو قال: زوجتك إن شاء الله وقصد التعليق أو أطلق لم يصح، وإن قصد التبرك أو أن كل شئ بمشيئة الله تعالى صح كما مر نظير ذلك في الوضوء. (ولو بشر) شخص (بولد فقال) لآخر: (إن كانت أنثى فقد زوجتكها) الخ، فقبل، (أو قال) له: (إن كانت بنتي طلقت) أو مات زوجها، وزاد على المحرر قوله: (واعتدت فقد زوجتكها) وكانت أذنت لأبيها في تزويجها، أو قال: إن ورثت هذه الجارية فقد زوجتكها، (فالمذهب بطلانه) أي النكاح في الصور المذكورة، ولو كان الواقع في نفس الامر كذلك، لوجود صورة التعليق
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460