شرطنا التعيين، فسدت الإجارة بإهماله. لكن يقع الحج عن المستأجر، لوجود الاذن، ويلزمه أجرة المثل. وإن كانت الإجارة للحج والعمرة، فلا بد من بيان أنه يفرد، أو يقرن، أو يتمتع، لاختلاف الغرض بها.
فرع نقل المزني عن نصه في المنثور: أنه لو قال المعضوب: من حج عني، فله مائة درهم، فحج عنه إنسان، استحق المائة. وللأصحاب فيه وجهان. أصحهما وإليه ميل الأكثرين: أن هذا النص على ظاهره. وتصح الجعالة على كل عمل يضح الاستئجار عليه، لان الجعالة تجوز على العمل المجهول، فعلى المعلوم أولى. والثاني: أن النص مخالف أو مؤول، ولا تجوز الجعالة على ما تجوز الإجارة عليه، إذ لا ضرورة إليها لامكان الإجارة. فعلى هذا لو حج عنه إنسان، وقع الحج عن المعضوب للاذن، وللعامل أجرة المثل لفساد العقد.
وفيه وجه: أنه يفسد الاذن، لأنه غير متوجه إلى إنسان بعينه. فهو كما لو قال: وكلت من أراد بيع داري، فلا يصح التوكيل، وهذا شاذ ضعيف.
قلت: لو قال: من حج عني، أو أول من يحج عني، فله ألف درهم، فسمعه رجلان فأحرما عنه أحدهما بعد الآخر، وقع الأول عن القائل، وله الألف، ووقع حج الثاني عن نفسه، ولا شئ له. وإن وقعا معا وشك في وقوعهما معا، وقع حجهما عنهما ولا شئ لهما على القائل، لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر، صرح به القاضي حسين والأصحاب. والله أعلم.
فرع مقتضى كلام إمام الحرمين والغزالي، تجويز تقديم الإجارة على خروج الناس للحج، وأن للأجير انتظار خروجهم، ويخرج مع أول رفقة. والذي ذكره جمهور الأصحاب على اختلاف طبقاتهم، ينازع فيه. ويقتضي اشتراط وقوع العقد في زمن خروج الناس من ذلك البلد. حتى قال صاحب التهذيب: لا تصح إجارة العين، إلا في وقت خروج القافلة من ذلك البلد، بحيث يشتغل عقيب العقد بالخروج أن بأسبابه من شراء الزاد ونحوه. فإن كان قبله، لم يصح. وبنوا