فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٨ - الصفحة ١٧٥
والمماثلة المعتبرة في الربا هي المماثلة الحقيقية وهذه الطريقة مطردة فيما إذا باع مدا ودرهما بمد ودرهم لان المدين من الجانبين ان اختلفت قيمتهما مثل إن كان مد زيد يساوى درهمين ومد عمر ويساوي درهما فمد زيد ثلثا ما في هذا الطرف يقابله من الطرف الآخر ثلثا مد وثلثا درهم ويبقى ثلث مد وثلث درهم في مقابلة درهم فإذا وزعنا صار ثلث مد في مقابلة نصف درهم لان قيمة مد عمرو درهم وثلث درهم في مقابلة نصف درهم فتظهر المفاضلة * وان لم تختلف قيمتهما لم تظهر المفاضلة لكن المماثلة تخمين على ما مر * واعترض الامام على هذه الطريقة بان العقد لا يقتضي في وضعه توزيعا مفصلا بل مقتضاه مقابلة الجملة بالجملة أو مقابلة الجزء الشائع مما في أحد الشقين بمثله مما في الشق الآخر بان يقابل ثلث المد وثلث الدرهم بما يقابل ثلث المدين يعنى إذا باع مدا ودرهمان بمدين ولا ضرورة إلى تكلف توزيع يؤدى إلى التفاضل وإنما يصار إلى التوزيع المفضل في مسألة الشفعة لضرورة الشفعة قال والمعتمد عندي في التعليل انا تعبدنا بالمماثلة تحقيقا * إذا باع مدا ودرهما بمدين لم تتحقق المماثلة فيفسد العقد * ولناصريها أن يقولوا أليس قد ثبت التوزيع المفصل في مسألة الشفعة ولولا كونه قضية للعقد لكان ضم السيف إلى الشقص من الأسباب الدافعة للشفعة فإنها قد تندفع بأسباب وعوارض وأما قوله انا تعبدنا بتحقيق المماثلة فللخصم أن يقول تعبدنا بتحقيق المماثلة فيما إذا تمحضت مقابلة شئ منها بجنسه أو على الاطلاق ان قلت بالثاني فممنوع وإن قلت بالأول فمسلم لكنه ليس صورة المسألة فهذا نقل المذهب المشهور وتوجيهه * ومن الأصحاب من صحح العقد فيما إذا باع مد عجوة ودرهما بمد عجوة ودرهم والدرهمان من ضرب واحد والمدان من شجرة واحدة وفيما إذا باع صاع حنطة وصاع شعير بمثلهما وصاعا الحنطة من صبرة واحدة وصاعا الشعير كذلك للعلم باتحاد القيمة * ويحكى هذا عن القاضي أبى الطيب الطبري والقاضي الحسين وذكر الروياني في البحر انه المذهب وغلط من قال غيره * ومن صور هذا الأصل
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست