واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٤٧
فلما بين في هذه الآية أمر الكاذبين بأنهم الذين كفروا بعد الإيمان، أخرج من هذه الصفة القوم المؤمنين المعذبين بمكة، وهم: بلال، وعمار، وسمية أمه، وخباب، وصهيب وأشباههم، وذلك أن كفار مكة كانوا في صدر الإسلام يؤذون من أسلم من هؤلاء الضعفة، يعذبونهم ليرتدوا، فربما سامعهم بعضهم بما أرادوا من القول، يروى أن عمار بن ياسر فعل ذلك فاستثناه الله من هذه الآية، وبقيت الرخصة عامة في الأمر بعده (1).
ثم بين بعد ذلك ما يتعلق بآية التقية من مسائل الإكراه فقال: ويتعلق بهذه الآية شئ من مسائل الإكراه:
أما من عذبه كافر قادر عليه ليكفر بلسانه، وكان العذاب يؤدي إلى قتله فله الإجابة باللسان، قولا واحدا فيما أحفظ. فإن أراد منه الإجابة بفعل كالسجود إلى صنم ونحو ذلك، ففي هذا اختلاف:
فقالت فرقة هي الجمهور: يجيب بحسب التقية.
وقالت فرقة: لا يجيب ويسلم نفسه.
وقالت فرقة: إن كان السجود نحو القبلة أجاب، واعتقد السجود لله.. (2).
ثم أشار إلى حالات الإكراه التي تصح فيها التقية، ولا يلزم المكره بشئ منها كالإكراه على البيع، والأيمان، والطلاق، والعتق، والإفطار في شهر رمضان، وشرب الخمر، ونحو ذلك من المعاصي، ثم أكد أن ما بينه هو المروي عن مالك بن أنس (ت / 179 ه‍) من طريق مطرف، وابن عبد الحكم، وأصبغ.

(1) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز / ابن عطية الأندلسي 10: 234.
(2) م. ن. 10: 235.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»