دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية - الشيخ المنتظري - ج ٤ - الصفحة ١٦٤
فالملاك الذي أوجب جعل اختيار الأموال العامة بيد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإمام المعصوم هو بعينه يوجب جعلها تحت اختيار نوابهم في عصر الغيبة أيضا وإلا لما تيسر لهم إجراء حدود الإسلام وأحكامه وبسط العدالة الاجتماعية وقطع جذور الخلاف والخصام، لا يفرض نظام الحكم بلا نظام مالي.
فالأنفال وإن كانت محللة للشيعة أو للمسلمين ويجوز لهم إحياء الأرضين قطعا، لكن ذلك في الشرائط التي لا يتيسر لهم الاستيذان من حاكم صالح أو فيما إذا لم يحصل التحديد والمنع من قبل الحكومة الصالحة الحقة، وإلا لم يجز لهم التخلف من ضوابطها المقررة في الأموال العامة.
وإن شئت قلت: إن التحليل وجواز التصرف والإحياء محدود حينئذ تحت إطار موازين الدولة الحقة الصالحة ولا يجوز مع منعها بل يعتبر الإذن منها ولو بنحو عام.
وعمدة نظر الأئمة (عليهم السلام) كان تسهيل الأمر للشيعة عند الضرورة والاختناق وعدم تحقق الحكومة الصالحة فلا ينافي هذا وجوب الاستيذان من الحاكم الصالح المبسوط اليد إذا فرض وجوده.
وبعبارة أخرى نحن لا نأبى سعة ولاية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام المعصوم بالنسبة إلى الأعصار اللاحقة أيضا، ويمكن صدور حكم ولائي مستمر منهما، ويوجد أمثاله في فقهنا أيضا كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا ضرر ولا ضرار " مثلا على احتمال. ولكن يحتاج هذا إلى دليل حالي أو مقالي متقن يدل على دوام الحكم واستمراره، وإلا فالظاهر من الحكم الولائي كونه محدودا بعصر الحاكم حيث إن مقتضيات الظروف والأزمان تختلف غالبا، الأحكام ليست جزافية بل تكون تابعة للمصالح والمفاسد، وعلى هذا الأساس لا نرى تهافتا بين الأحكام السلطانية المتضادة الصادرة عن الأئمة (عليهم السلام) في أعصار مختلفة. ومع الشك في التعميم والاستمرار لا بد أن يقتصر على القدر المتقين إذ لا يجوز التمسك بالإطلاق مع غلبة اختلاف الظروف والمصالح واحتمال وجود قرينة حالية تدل على التحديد.
وعلى هذا فلو سلم التعميم في أخبار التحليل والإحياء إجمالا للأعصار اللاحقة أيضا فالمتيقن منهما الأعصار المشابهة لعصرهم (عليهم السلام) من وجود الاختناق وعدم بسط
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الفصل الخامس من الباب الثامن في الأنفال 1
2 وفيه جهات من البحث الجهة الأولى: في تفسير آية الأنفال ومعنى الأنفال والمقصود منها في الآية وفى فقه الفريقين 1
3 الجهة الثانية: في معنى كون الأنفال للإمام 18
4 الجهة الثالثة: في بيان الأنفال بالتفصيل 30
5 العناوين المشهورة للأنفال والاستدلال عليها: الأول: الأرض التي تملك من غير قتال ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب 32
6 الثاني: الأرضون الموات 36
7 معنى الموات والخراب 42
8 الثالث: الأرض التي لا رب لها 45
9 الرابع: رؤوس الجبال وبطون الأدوية وكذا الآجام 47
10 الخامس: سيف البحار 52
11 السادس: قطائع الملوك وصفاياهم 52
12 السابع مما يكون للإمام بما هم إمام: صفايا الغنيمة 56
13 الثامن مما يكون للإمام بما هو إمام: ما يغنمه المقاتلون بغير اذن الإمام 61
14 التاسع: المعادن مطلقا على قول قوى 68
15 العاشر: ميراث من لا وارث له 82
16 التعرض للاخبار التي يتوهم معارضتها في المقام 86
17 التعرض لاختلاف كلمات أصحابنا في حكم ميراث من لا وارث له في عصر الغيبة 94
18 الحادي عشر: البحار 98
19 الثاني عشر: الأرض المعطلة ثلاث سنين على قول 100
20 الجهة الرابعة: في حكم الأنفال وتملكها والتصرف فيها ولا سيما في عصر الغيبة 103
21 ونتعرض لذلك في مسائل: المسألة الأولى: في أن الأنفال لله وللرسول وبعده للإمام بما هو إمام 103
22 المسألة الثانية: في أنه لا يجوز التصرف فيها إلا باذن الامام خصوصا أو عموما وانه هل ثبت فيها التحليل أم لا؟ 107
23 التعرض لتفسير العناوين الثلاثة (المناكح والمساكن والمتاجر) والأخبار الواردة في المقام وبيان مقدار الدلالة فيها 120
24 تحليل المناكح 122
25 تحليل المساكن 127
26 تحليل المتاجر 134
27 خاتمة: نتعرض فيها لأمور ترتبط بأخبار التحليل 138
28 المسألة الثالثة: فيما ورد في احياء الأرضين الموات والترغيب فيه وأحقية المحيى بها 148
29 يشترط في جواز الاحياء إذن الإمام 156
30 المسألة الرابعة: في بيان شروط الإحياء 166
31 المسألة الخامسة: في إشارة اجمالية إلى مفاد الإحياء والتحجير وما به يتحققان 177
32 بقي هنا أمران: الامر الأول: هل يختلف صدق الإحياء بحسب ما يقصد من العمارة أم لا؟ 183
33 الأمر الثاني: في التحجير وأحكامه 185
34 المسألة السادسة: هل الإحياء في الأرض الموات يوجب مالكية المحيى لرقبة الأرض أو لا يوجب إلا أحقية المحيى بها؟ 194
35 أخبار المسألة 200
36 المسألة السابعة: في أن الاسلام شرط أم لا؟ 216
37 المسألة الثامنة: في حكم الأرض المحياة إذا صارت مواتا 229
38 الفصل السادس في إشارة اجمالية إلى حكم سائر الضرائب التي ربما تمس الحاجة إلى تشريعها ووضعها زائدا على الزكوات الأخماس والخراج والجزايا المعروفة المشروعة 257
39 وفيه جهات من البحث الجهة الأولى: في التعرض لأخبار متفرقة يظهر منها إجمالا ذم العشارين 258
40 الجهة الثانية: في التعرض لبعض كلمات الأعلام وللأخبار الواردة في العشور 264
41 الاخبار الواردة في العشور 271
42 الجهة الثالثة: في البحث في ضرائب أخرى غير الضرائب المعروفة 286
43 نكات ينبغي الإشارة إليها 296
44 خاتمة الكتاب نذكر فيها كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وعهده إلى مالك الأشتر 301
45 سند عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مالك الأشتر 303
46 عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مالك الأشتر 307