بعد هما من الأئمة (عليهم السلام)، بل أكثرها مروية عن الجواد والهادي - عليهما السلام - من الأئمة المتأخرين، ولا تجد في صحاحنا ولا صحاح السنة حديثا في هذا الباب مرويا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أمير المؤمنين (عليه السلام)، اللهم إلا بعض العمومات التي ربما يحتمل انطباقها عليه، ولم يضبط في التواريخ أيضا مطالبتهما (عليه السلام) لهذا الخمس من أحد، مع أنه لو كان ثابتا مشرعا في عصرهما كان مقتضى عموم الابتلاء به نقل الرواة والمؤرخين له من طرق الفريقين.
وليس هذا مما يخالفه حكومات الجور حتى يظن ذلك سببا لاختفائه كيف؟! وهو كان يوجب مزيد بيت المال وتقوية الجهات المالية.
فلم صار هذا الحكم مهجورا عند فقهاء السنة ورواتهم بحيث لم يفت به أحد منهم ولم يتعرض لثبوته أو مطالبته وأخذه أحد من أهل الحديث والتاريخ؟!
ولم لا يوجد في كتب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى العمال وجباة الأموال اسم ولا رسم من خمس الأرباح، مع أنه لو كان لنقل لعموم الابتلاء به، إذ يعم الحكم كل تاجر وكاسب وصانع وزارع وعامل؟!
نعم، في رواية ابن طاووس بإسناده، عن عيسى بن المستفاد، عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليه السلام): " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأبى ذر وسلمان والمقداد... وإخراج الخمس من كل ما يملكه أحد من الناس حتى يرفعه إلى ولي المؤمنين وأميرهم. " (1) ولكن فيه مضافا إلى ضعف السند أن هذا غير خمس الأرباح، ولعله كان مندوبا إليه من باب صلة الإمام، فتأمل.
وقد يقال: إنما في كتب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعهوده من أخذ الخمس من المغانم كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتابه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن: " وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار. الحديث. " (2)