يعتبر في جريان حكم البغاة كونهم في منعة وكثرة، فأما إن كانوا نفرا يسيرا كيدهم ضعيف لم يجر عليهم حكم البغي. وهو المحكي عن الشافعي. مستدلين عليه بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) أوصى بالإحسان إلى ابن ملجم. ولكن عن بعض الجمهور جريان حكم البغاة حتى على الواحد إذا خرج بالسيف، بل في المنتهى وعن التذكرة أنه قوي، بل قيل: إنه مقتضى إطلاق المتن وغيره. وإن كان قد يناقش بانسياق غيره من الإطلاق، خصوصا بعد ذكر الفئة الظاهر في الاجتماع المعتد به، ولا أقل من الشك فيبقى الأصل بحاله. نعم، يجري حكم المحارب لو فرض الإشهار للسلاح.
وحكي عن الشيخ وابني حمزة وإدريس أيضا اشتراط الخروج عن قبضة الإمام منفردين عنه، أما لو كانوا معه وفي قبضته فليسوا أهل بغي. ولعله للمرسل: " أن عليا كان يخطب فقال رجل بباب المسجد: " لا حكم إلا لله " تعريضا بعلى (عليه السلام) أنه حكم في دين الله الرجال، فقال علي (عليه السلام): " كلمة حق أريد بها باطل. لكم عندنا ثلاث: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا اسم الله فيها، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا، لا نبدأكم بقتال. " (1) إذ المراد من قوله (عليه السلام): " ما دامت أيديكم معنا " عدم الانفراد. ولكنه مرسل غير جامع لشرائط الحجية.
وربما حكي عنهم أيضا اشتراط أن يكونوا على المباينة بتأويل يعتقدونه. ولم نجد لهم ما يدل عليه. " (2) أقول: لا نرى وجها لاعتبار الشرط الأول والثالث بعد إطلاق الآية، ولا سيما بملاحظة ما ذكر في شأن نزولها. ولا دليل على دخل الخصوصيات الموجودة في أصحاب الجمل وصفين والنهروان في الأحكام المعلقة على عنوان البغي والباغي.