عدا القاتل من ورثته قريبا كان أو بعيدا، فإن لم يكن للمقتول أحد غير الذي قتله كان ميراثه لبيت المال ولا يعطي القاتل شيئا منه على حال.
فإن قتل الرجل ابنه لم يرثه، فإن كان للقاتل أب وابن ورثا المقتول وكان الميراث بينهما نصفين لأنه حد المقتول وأخوه، وإن قتل الرجل أباه لم يرثه على حال فإن كان للأب أولاد غير القاتل كان ميراثه لهم، فإن لم يكن له ولد غير القاتل وكان لولده ولد ورث جده المقتول دون أبيه القاتل ولم يمنع المال حيث كان من يتقرب به ممنوعا.
وإذا كان القاتل خطأ فإنه يرث المقتول على كل حال ولدا كان أو والدا أو ذا رحم أو زوجا أو زوجة من نفس التركة ومن الدية، وقد رويت رواية بأن القاتل لا يرث وإن كان خطأ وهذه رواية شاذة لا عمل عليها لأن أكثر الروايات على ما قدمناه، وكان شيخنا رحمه الله يحمل هذه الرواية على أنه إذا كان القاتل خطأ فإنه لا يرث من الدية ويرث من التركة ليجمع بين الأخبار، وعلى هذا أعمل لأنه أحوط.
وإذا كان للمقتول وارث كافر كان ميراثه لبيت المال، فإن أسلم الكافر كان له الميراث والمطالبة بالدم وإن لم يسلم وكان المقتول عمدا كان الإمام وليه وهو مخير بين أن يأخذ الدية فيجعلها في بيت مال المسلمين أو يقيد به القاتل، وليس له أن يعفو لأن ذلك ليس بحقه فيجوز له تركه وإنما هو حق لجميع المسلمين، وإذا كان على المقتول دين وجب قضاؤه من الدية كما يجب قضاؤه من نفس التركة سواء كان المقتول عمدا أو خطأ وعلى كل حال.
وقاتل العمد إذا كان مطيعا بالقتل لم يمنع الميراث ولم يحرمه وإنما يحرم إذا كان ظالما، ومثال ما ذكرناه أن يقتل الرجل أباه وهو كافر أو باع على إمام عادل أو قتله بأمر الإمام إما قودا أو لغير ذلك، فإن ميراثه منه ثابت ولم يستحق الحرمان.
والدية يستحقها جميع ورثة المقتول على سهام الله تعالى: الوالدان والولد والإخوة والأخوات وكل من يتقرب من جهة الأب خاصة ذكرا كان أو أنثى، ولا يستحقها الإخوة والأخوات من قبل الأم ولا أحد من ذوي أرحامها، والزوج والزوجة يرث كل واحد منهما الآخر من نفس الدية كما يرثه من نفس التركة ما لم يقتل أحدهما صاحبه، فإن قتله منع الميراث من التركة والدية معا على ما بيناه.