والتحقيق في الجمع بين الطائفتين من النصوص أن يقال إن الحصر بالأربعة في الأخبار إنما هو من جهة الغلبة لكثرة استعمالها في التطييب والتلذذ بها، أو لوجوب الكفارة فيها دون غيرها، وأما القول باختصاص الحرمة بالأربعة كما عن الصدوق، أو الخمسة كما عن الجمل والمهذب والاصباح والإشارة، والكراهة في غيرها، تحكيما لأدلة الأربعة على العمومات الدالة على حرمة مطلق الطيب، غير سديد، بل لا يبعد دعوى الاجماع على حرمة الطيب على العموم، وفاقا للمقنعة وكما عن السرائر والمبسوط والكافي وبه ينجبر ضعف بعض الأخبار الناهية عن مس الطيب مطلقا، ولا يضر بما ذكرنا التعبير بلفظة لا ينبغي في بعضها لظهورها أولا في الحرمة، ولا أقل من التساوي مع الكراهة، مضافا إلى استفادة الحرمة من النهي الوارد في بعضها.
وتدل على عموم الحرمة أخبار أخرى متفرقة في أبواب الفقه، مثل ما نص على أن الميت المحرم لا يمس شيئا من الطيب ولا يحنط كرواية ابن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام في المحرم يموت قال: يغسل ويكفن ويغطى وجهه ولا يحنط ولا يمس شيئا من الطيب (1) ومثل ما روي عن النضر بن سويد عن الكاظم عليه السلام أن المرأة المحرمة لا تمس طيبا. (2) وتعليل عدم البأس، بالفواكه الطيبة، بأنها ليست بطيب كما في رواية عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المحرم يأكل الأترج قال عليه السلام نعم، قلت: له رائحة طيبة، قال: الأترج طعام ليس هو من الطيب. (3)