فهي خلاف العادة سيما مثل تلك الجملة الطويلة التي لا تقل عن ثلث الخبر، مضافا إلى أن الفحول من العلماء الذين لا يفتون إلا بما هو حجة بينهم وبين الله، أفتوا بمضمون الذيل ونقلوه في كتبهم المعدة لنقل الأحاديث، وبالجملة تمسك القائلين باستثناء ما أنبته الانسان وغرسه برواية حريز يدل على أن الرواية صدرت مع الذيل ولو بالالتزام بأن حريز رواها عن الإمام تارة مع الذيل وأخرى بدونه واحتمال اتحادهما واستبعاد كونها روايتين ليس إلا استبعادا محضا واحتمالا أو ظنا، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا، فعلى هذا يكون كل ما زرعه الانسان وغرسه وأنبته مستثنى من العموم ويجوز قطعه وقلعه.
ثم إن الاستثناء في قوله عليه السلام إلا ما أنبته أنت، بناء على ثبوت الزيادة متصل أو منقطع فكل محتمل.
إن قلنا إن الظاهر من قوله عليه السلام (كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام) ما ينبت بنفسه طبيعيا من دون أن يغرسه آدمي أو يزرعه، فالاستثناء منقطع ولا يشمل العموم ما أنبته آدمي وغرسه ولو لم تثبت الزيادة أصلا.
وأما لو قلنا إن كل شئ ينبت في الحرم ليس ظاهرا فيما نبت بنفسه طبيعيا ولا يختص به بل يشمله وما أنبته الانسان فالاستثناء متصل ولا بد من اثبات الزيادة في الرواية وإلا يحرم كل نبات سواء غرسه آدمي أو لا.
فرع - بعد البناء على ثبوت الزيادة في الرواية وإن الاستثناء أيضا متصل، يقع البحث في أن جواز القطع هل يختص بالغارس والمنبت فقط، أو يجوز لغيره أيضا أن يقطع ويقلع ما أنبته انسان آخر غاية الأمر أنه إن كان ذلك بإذنه لا ضمان عليه ولا حرمة ولا كفارة وإلا فعليه الضمان فقط.
الظاهر أن شمول الدليل لغير من أنبت وغرس مشكل بل يختص الجواز بالذي أنبت كما في قوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض إذ لا يفهم منه إلا حلية الأكل للمتراضيين وبعبارة أخرى حلية الأكل