وفيه ما مر فإنها متعلقة بالخمر أو النبيذ فصدق العنوان مما لا بد منه سواء صدق الشرب أم لا، والمفروض في المقام اضمحلال الخمر رأسا فلا يمكن التمسك بها وليس لنا دليل خاص يدل على وجوب الحد.
نعم قد وردت روايات تشدد أمر الخمر بتعابير خاصة مثل ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: لو وقعت قطرة منه في بئر فبنيت منارة مكانها لم أؤذن عليها ولو وقعت في بحر ثم جف ونبتت فيه الكلأ لم أرعه (1).
لكن المعلوم من لسان هذه الروايات هو أنها واردة في مقام التأكيد وتشديد الأمر لا أنه يثبت بها وجوب الحد.
فلو كان في الموارد التي اضمحل العين ولم يصدق الاسم إجماع فهو، وإلا فلا وجه للقول بلزوم الحد.
وأما ما ذكرناه تقريبا للحرمة الذاتية من أكل مال الغير بمزجه في طعام نفسه بحيث صار مضمحلا، فإنه ضامن لمال الغير لأنه قد أتلف مال الغير لا لأنه أكل مال الغير.
وأما الاجماع فإنا قد تفحصنا كلماتهم في الجوامع الفقهية وبعض الكتب الأخر ولم نقف على من صرح بجريان الحكم فيما إذا لم يصدق الاسم إلا بعضا.
نعم ربما يصرحون بعدم الفرق بين القليل والكثير وأما التعرض لما إذا اضمحل الخمر في شئ آخر فلا، إلا عن عدة من الأعلام كالشيخ وابن حمزة والشهيد في اللمعة.
قال الشيخ في النهاية: ولا يجوز أكل طعام فيه شئ من الخمر ولا الاصطباغ بشئ فيه شئ من الخمر ولا استعمال دواء فيه شئ من الخمر فمن أكل شيئا مما ذكرناه أو شرب كان عليه الحد ثمانين جلدة انتهى (2).
وقال ابن حمزة: فصل في بيان الحد على شرب الخمر وساير المسكرات