أم لم يسكر - خصوصا بلحاظ أن الغالب في القليل منه هو عدم الاسكار - وسواء كان عدم إسكاره لقلته أو لكيفية حال الشارب مرضا أو اعتيادا أو كان بعلاج، ويترتب عليه الحد المقرر للشارب ولا يعتبر خصوص عنوان الشرب فإن الملاك هو التناول كما إذا امتزج بالأدوية والأغذية ما دام صدق اسم الخمر، والتصريح في الروايات بالتسوية بين الكثير والقليل يقتضي عدم الفرق حتى ولو كان أقل قليل، كما يمكن التمسك في ذلك بتنقيح المناط والقول بعدم الخصوصية للكثير من الخمر، بأن يكون القليل منه نظير حب حامل لمقدار يسير من السم.
وقد كان بعض الأطباء يقول لنا: إن بعض أقسام الحبوب مشتمل على ذلك ولا يؤثر في قتل الانسان وموته لكنه يبقى في البدن تلك الذرات الضارة التي كانت فيه ولا يدفع بل يتقوى بإمداده بمثله وهكذا إلى أن يبلغ حدا يقتل الانسان، فلعل قليل الخمر أيضا يكون كذلك.
وكيف كان فحكمه حكم الكثير منه وتترتب على شربه وجميع أنواع تناوله حتى مثل زرقه بالإبرة الأحكام سواء كان زرق الخمر الخالص أو الممتزج بغيره من المايعات وإن لم يدخل البطن بل ورد في العروق مثلا.
وعلى هذا ربما أشكل الأمر في زرق الإبرة في هذه الأعصار حيث أنه يقال بأن موادها مخلوطة بشئ من الأكل المسكر فإنه عليه وبصرف النظر عن الاضطرار يكون زرقها في العروق حراما يوجب الحد.
هذا مضافا إلى أنه قد وردت في هذا الخصوص رواية شريفة وهي:
عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان عند أبي قوم فاختلفوا فقال بعضهم: القدح الذي يسكر هو حرام وقال بعضهم: قليل ما أسكر كثيره حرام، فردوا الأمر إلى أبي عليه السلام فقال أبي عليه السلام:
أرأيتم القسط لولا ما يطرح فيه أولا أكان يمتلي؟ وكذلك القدح الآخر لولا الأول ما أسكر قال: ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أدخل عرقا من عروقه قليل ما أسكر كثيره عذب الله عز وجل ذلك العرق بثلاثمأة