بقوله: لأن صيرورته دبسا لا يحصل غالبا إلا بعد ذهاب أزيد من ثلثيه.
وأما الثالث وهو المهم لنا في هذا المقام وهو حد شارب العصير، فالمتقدمون من الأصحاب لم يذكروا ذلك ولم يكن في كلماتهم في باب الحدود أنه يحد شارب العصير مع تصريحهم بحرمته أو نجاسته على اختلافهم في النجاسة.
والظاهر أن أول من نطق بذلك هو المحقق قدس سره وتبعه العلامة أعلى الله مقامه في القواعد ثم بعد ذلك تبعهما شراح الشرايع والقواعد وغيرهم.
قال الفاضل الهندي الأصبهاني بعد ذكر الخمر: وكذا العصير العنبي إذا غلا وإن لم يقذف بالزبد خلافا لأبي حنيفة فاعتبر الازباد سواء غلى من نفسه أو بالنار أو بالشمس إلا أن يذهب ثلثاه أو ينقلب خلا ولا خلاف عندنا في جميع ذلك، والنصوص ناطقة به لكن لم أظفر بدليل على حد شاربه ثمانين ولا بقائل به قبله سوى المحقق انتهى (1). قوله: قدس سره (قبله) أي قبل العلامة.
وفي الرياض بعد أن احتمل كون المطلب إجماعيا بينهم - على ما ذكرناه - كما صرح به في التنقيح (2) وغيره ولم أقف على حجة معتد بها سواه انتهى.
وفي الجواهر: لعل دليله ظهور النصوص أو صريحها المتقدمة في محلها في أنه بحكم الخمر في الحرمة في الحرمة وغيرها.
هذا من ناحية الأقوال. وأما الأدلة فعمدة مستند القائلين بكون العصير ملحقا بالخمر في النجاسة وسائر الأحكام، الأخبار. وقد علمت أن الأخبار الماضية لا دلالة لها على إثبات الحد وترتبه عليه نعم صحيح معاوية بن عمار أو موثقه أظهر من جميع الأخبار في ذلك ولعلهم اعتمدوا عليه وهو:
عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل من أهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج ويقول: قد طبخ على الثلث وأنا أعرف أنه يشربه