احتمال إرادة التعزير من الحد من أن التعزير أمره منوط بنظر الحاكم وهو متوقف على معرفة المعصية تفصيلا كي يترتب عليها ما يناسبها.
فقد أجاب عنه بقوله: وكون التعزير مقدرا بنظر الحاكم، ولا نظر له ما لم يعلم المعصية، إنما هو في غير المقام المحتمل تقدير الشارع بما يؤدي إليه نظر المقر فيضرب ما لم ينه وإن زاد على المأة ويترك مع نهيه وإن نقص عن أقل الحد لاحتمال إرادة التعزير منه ولو على أن يكون نهيه قرينة على ذلك مع فرض المجازية انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول: تارة يبحث في صحة الرواية وسقمها وقد عرفت الكلام فيه حيث إن الشهيد الثاني ضعفها لتردد محمد بن قيس بين الموثق وغيره وقد مر أن عدة من الأعلام صححوها واعتمدوا عليها، وأخرى بعد تصحيحها.
فلو اعتمدنا على الرواية وصححناها فلا اشكال من سائر الجهات فإن كون الحد معينا، والتعزير منوطا بنظر الحاكم وعلى حسب ما يراه من المصلحة وإن كان تاما صحيحا لكن ذلك في الحدود المفصلة المبينة وأما الحد المجمل فلا بأس بأن يقال فيه أنه يضرب حتى ينهي فيكون هذا حدا في هذا الظرف الخاص في قبال سائر الحدود وهكذا بالنسبة إلى التعزير فلا مانع عن القول بأنه إذا أقر اقرارا مبهما يكون تعزيره منوطا برأي المقر لا بنظر الحاكم فلا رأي له إذا لم يعرف المعصية بعينها وعلى هذا فلا معارضة بين هذا الخبر وأدلة الحدود لأنها متعلقة بالحدود المعينة وهذا بالحد المجمل.
ثم إن هنا احتمالا آخر وهو حمل رواية محمد بن قيس على أنها قضية في واقعة ولعل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كان يعلم من الطرق العادية - لا من علم الغيب الذي ليس هو ملاك الأحكام - ما فعله المقر في الخارج وأنه أتى كي يطهره الإمام مما ارتكبه وتلوث به فعمل عليه السلام بعلمه وأمر بأن يضرب حتى ينهي، لأنه ليس بأزيد وأكثر من صدور فعل من الإمام عليه السلام، وعلى هذا فلا يمكن التمسك بها.
والانصاف أن هذا الاحتمال في غير موضعه وذلك لأن الأئمة