ويؤيدها أنه اقرار من بالغ عاقل فيحكم به ولا أستبعد إذا وصل به إلى مأة جلدة أن يقطع عنه الجلد وإن لم يمنع عن نفسه لأنه لا حد وراء المأة، وإذا نهى عن نفسه قبل وإن كان دون الحد لاحتمال أن يكون ذلك توهمه وأنه يسمى حدا فيسقط ما زاد للاحتمال إذ لا يثبت بالاقرار إلا ما يتحقق أنه مراد من اللفظ انتهى كلامه رفع مقامه (1).
نقول: أما ما كان منه متعلقا بمحل الكلام هو أن النزاع في الحقيقة في أنه هل يؤخذ باطلاق الرواية على تقدير صحتها ويحكم بأنه يضرب إلى أن ينهى فما لم ينه يضرب وإن مات وانجر إلى زهوق روحه، أو أنه يقتصر على ضربه مأة جلدة إن لم يزجر ضاربه قبل ذلك؟
ويدل على الأول اطلاق الرواية وعليه فيضرب كائنا ما كان.
وتمسك من قال بالثاني بأن هذا المقر لم يقر بأزيد من الحد ومن المعلوم أنه لا حد فوق مأة وأزيد منها، وأما ما كان يزاد على هذه تغليظا ولأجل ارتكابه القبيح في مكان شريف أو زمان كذلك فليس هو من الحد في شئ بل هو أمر زائد على أصل الحد من باب التعزير والتأديب فيمن لم يراع شرف الزمان المخصوص أو المكان كذلك وضيع حرمتهما، ومن المعلوم أن المقر في المقام قد أقر بالحد لا بالحد والتعزير كليهما.
والظاهر أن هذا الكلام حسن فيكون معنى (يضرب حتى ينهى) أنه يضرب كذلك إلى بلوغ الحد التام وهو المأة فحينئذ يخلى سبيله ولا حاجة إلى أن ينهى فنهيه يفيد ويؤثر بالنسبة إلى ما قبل المأة إلا إذا ظن في حقه ما يوجب القتل كزنا المحارم فهناك يمكن أن يقال إنه يضرب ما لم ينه عنه وإن قتل به فإن حكم الزاني كذلك، وإن كان هو الرجم أو القتل لا عن جلد وضرب، إلا أن ذلك إذا كان معينا وأما إذا كان مجملا فلا بأس بما ذكرناه.
لكني لم أر في كلماتهم من يقول بذلك.
هذا بالنسبة إلى استصوابه طرف الزيادة من كلام ابن إدريس وأما