أمير المؤمنين ألا تغسله؟ فقال: قد اغتسل بما هو طاهر إلى يوم القيامة لقد صبر على أمر عظيم (1).
وعلى هذا فالذي يقر لم يأت إلا بما هو أحد طرفي الواجب التخييري فضلا عن أن يكون عمله معصية يترتب عليها التعزير.
وقد يقال (2) الاقرار الذي كان واحدا من طرفي الواجب التخييري هو الاقرار الكامل البالغ حد الأربعة لا ما ينقطع في الأثناء ولا يبلغ حد الكمال والنصاب المعتبر فيه.
وفيه أن للاقرار عند الحاكم هذا الأثر فالمقر في طريق تطهير نفسه وإن لم يبلغ اقراره الأربعة ولذا لم يكن النبي صلى الله عليه وآله ينتظر أن يأتي المقر ويقر ثانيا وهكذا ولا يطالبه بذلك.
وأما الثالث فلأن العلم الاجمالي لا يؤثر شيئا حيث إن الزنا بدون الاثبات لا يترتب عليه شئ فلا عقوبة دنيوية بالنسبة إلى ما لم يثبت منه أصلا، هذا بالنسبة إلى عمله وأما من حيث الكذب فهو مشكوك فيه.
ثم إنه يشهد بما ذكرنا من عدم التعزير في المقام معاملة النبي الأعظم وأمير المؤمنين مع المقرين حيث إنهما لم يعزراهم باقرارهم دون الأربع وقد مر في قصة رجل أقر عند رسول الله بالزنا أنه أعرض بوجهه عنه لشق وجهه، إلى أن أقر ثانيا وهناك أيضا أعرض بوجهه عنه وهكذا فلو كان يجب تعزير المقر بما دون الأربع فكيف أعرض عنه بوجهه ولم يحكم بتعزيره ولا أمر بذلك؟ أو هكذا تقدم في قصة رجل أقر عند الإمام علي عليه السلام بالزنا أنه صلوات الله عليه قال له: اذهب عني حتى نسأل عنك، ولو كان يجب تعزير المقر بمجرد اقراره لما كان وجه لهذا التأخير والتواني.
وأما احتمال أن ترك تعزيرهم كان لعلمهما بأنه سيكمل الأقارير