وربما يفصل في المقام بتفصيل آخر، وهو التفصيل بين سبقه بالإذن من المشروط له فالعقد يصح، وبين لحوقه بإجازته أي المشروط له فيبطل، بدعوى أن العقد إذا سبقه إذن من له الحق فعقده وقع صحيحا عند اسناده إلى العاقد.
وأما إذا وقع بلا إذنه حين اسناده إلى عاقده ثم لحقته الإجازة فلا محالة يقع فاسدا لأنه عقد واحد شخصي قد حكم عليه بالبطلان حين صدوره من العاقد، فكيف ينقلب إلى الصحة بالإضافة - والعقد باستمرار الزمان لا يكون متعددا - إلى نفس ذلك العاقد بعد ذلك.
وقد تقدم هذا التفصيل من الشيخ أسد الله التستري (رحمه الله) في بيع الفضولي، حيث فصل في تصحيح العقد الأول بالإجازة المتأخرة بين العقد الفضولي المصطلح، أعني ما إذا كان العاقد غير من ينسب إليه العقد بالإجازة، وبين مثل تزويج بنت أخت الزوجة أو بنت أخ الزوجة مما يكون العاقد الفضولي فيه هو المنتسب إليه العقد بالإجازة، فالتزم في مثل ذلك بصحة العقد المذكور فيها إذا سبقه الإذن من الزوجة وبالبطلان فيما إذا لم يسبقه الإذن، سواء لحقته الإجازة أيضا أم لم تلحقه.
وذلك من جهة أن العقد حين صدوره من العاقد حكم عليه بالبطلان لعدم اشتماله على شرط صحته، فلا يمكن أن ينقلب إلى الصحة بالإجازة المتأخرة بالإضافة إلى ذلك العاقد لأنه عقد واحد قد حكم بالفساد - والعقد الواحد لا يتعدد بحسب الأزمنة - بالإضافة إلى العاقد فلا يتصف بالصحة بالإضافة إليه أبدا.
و هذا بخلاف الإجازة في الفضولي المصطلح، لأن العقد وإن اتصف بالبطلان بالإضافة إلى العاقد إلا أنه لا مانع من اتصافه بالصحة بالإضافة إلى المالك إذا أجاز، لأنه لم ينسب إليه قبل إجازته ليحكم بصحته أو بفساده