مثلا إن الانسان حسب وجوده الخارجي يقتضي أن يكون موجودا بصيرا وسميعا، وله رجل ويد وأذن وأنف وهكذا بقية الأوصاف، وكذلك الحال في بقية الأشياء، فإذا باع أحد عبدا وظهر أعمى، أو باع شيئا آخر وظهر على غير الأوصاف المشهورة المعروفة التي كان أغلب أفراد الانسان عليها ويقتضي طبعه بحسب الوجد أن يوجد عليها، فيكون فقدانه عيبا في المبيع كما هو واضح.
وهذا الوجه وإن كان له وجه في مقام الثبوت ولكن لا وجه له في مقام الاثبات، إذ لا طريق إلى ذلك بحسب مقام الاثبات، فإنه من أين يعلم ويستكشف أن الوصف الفلاني وجوده مستند إلى اقتضاء طبع ذلك الشئ وليس مستندا إلى مقدمات وعلل أخرى.
مثلا من أين يعلم أن مقتضى طبع الانسان بحسب الوجود أن يكون سميعا وبصيرا حتى إذا لم يكن في العالم أصلا عمى أو كان ولم يشاهده المتبايعان، بل يمكن أن يكون مستندا إلى شئ آخر كالعلم والكتابة، فإن السمع والبصر ليسا دخيلين في انسانية الانسان، ولذا قال الله تعالى: فجعلناه سميعا بصيرا (1)، أي بعد كونه انسانا فجعلناه سميعا بصيرا.
مثلا إذا لاحظ أحد أي تفاحة فرآه أحمر ولم ير أصلا تفاحة أخرى أبيض فلا يمكن له في مقام الاثبات أن يحكم بأن الاحمرار في التفاحة بحسب اقتضاء طبع الوجود ذلك لا بحسب تصادف آخر كاشراق الشمس ونحوه، وهذا واضح لا سترة فيه.
وعليه فلا يكون ما ذكره المصنف ميزانا في بيان حقيقة العيب وماهيته، بل لا بد من المشي بمسلك آخر، بل قد لا يكون هنا طبيعة أصلا فضلا عن أن يقتضي شيئا، كما في مصنوعات البشر، فإن كون