فحينئذ ليس للموقوف عليهم ولا للحاكم أن يتصدى بالبيع أصلا بل المتصدي بذلك هو الناظر فقط، أما الحاكم فواضح، لأنه ولي من لا ولي له، والناظر ولي الوقف، فيتصرف فيه على النحو الذي جعله الواقف متوليا للوقف، لأن الناس مسلطون على أموالهم فنتصرف فيه كيف يشاء، فله أن يقفه ويجعل تولية الوقف للغير ولا يكون للموقوف عليهم إلا الملكية فقط، لئلا يقع بينهم النزاع والتشاجر لو كان أمر الوقف بأيديهم.
ومن هنا ظهر عدم كون الموقوف عليهم متصديا بالبيع، فإن الواقف مالك على العين، فله أن يفعل فيها ما يشاء، فإذا وقفها للموقوف عليهم وجعل سلطنتها تحت يد الناظر فيتبع، فلا يكون للموقوف عليهم إلا ملكية قاصرة من غير أن يقدروا على التصرف فيه، غير أنهم مالكون له فلهم منافعه، وأما السلطنة عليه فهي بيد الناظر.
وبالجملة أن الموقوف عليهم وإن كانوا مالكين للعين الموقوفة إلا أنهم قاصرون عن التصرف فيها، لعدم سلطنتهم عليها من قبل الواقف، بل سلطنته تحت يد الناظر فقط بجعل الواقف كما هو واضح.
وإن لم يكن هنا ناظر ولم يجعل الواقف أمر السلطنة للناظر وللحاكم بل وقف العين للموقوف عليهم من غير تعرض لهذه الجهات بوجه، فحينئذ يكون أمر الوقف بيد الموقوف عليهم وتكون سلطنته لهم، لأن الملك لهم والناس مسلطون على أموالهم، فليس للحاكم ولا لغيره التصرف فيها بوجه، بل يكون تصرفات غير الموقوف عليهم تصرفا محرما، فإنه لا دليل على ولاية الحاكم على ذلك كما تقدم.
اللهم إلا أن يقال: إن الحاكم ولي من قبل المعدومين، فإنهم أيضا مالكون للوقف ولكن قاصرين عن التصرف فيه فيكونون كبقية القاصرين،