والظاهر أنه لم يخالف أحد في أنه لا يجب إطاعة الفقيه إلا فيما يرجع إلى تبليغ الأحكام بالنسبة إلى مقلده، ولكل الناس لو كان أعلم وقلنا بوجوب تقليد الأعلم، وأما في غير ذلك بأن يكون مستقلا في التصرف في أموال الناس وكانت له الولاية على الناس، بأن يبيع دار زيد أو زوج بنت أحد على أحد، أو غير ذلك من التصرفات المالية والنفسية، فلم يثبت له من قبل الشارع المقدس مثل ذلك.
نعم نسب إلى بعض معاصري صاحب الجواهر أنه كان يقول بالولاية العامة للفقيه، وكونه مستقلا في التصرف في أموال الناس وأنفسهم، واجتمع معه في مجلس وقال صاحب الجواهر: زوجتك طالق، فقال المعاصر: إن كنت متيقنا باجتهادك لاجتنبت من زوجتي.
وكيف كان فلا دليل لنا يدل على ثبوت الولاية المستقلة والاستقلال في التصرف للفقيه، إلا ما توهم من بعض الروايات.
منها: ما دل على أن العلماء ورثة الأنبياء، وأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها أخذ بحظ وافر، بدعوى أن الولاية على أموال الناس وأنفسهم من جملة تركة الأنبياء للعلماء، فكما لهم ذلك فللعلماء أيضا ذلك.
وفيه أولا: إن الوراثة إنما تكون في أمور قابلة للانتقال، فما لا يقبل الانتقال لا تقبل الوراثة كالشجاعة والسخاوة والعدالة وغيرها من الأوصاف الغريزية والنفسية.
وثانيا: لم نحرز كون الولاية من قبيل ما تقبل التوريث، على أن الولاية العامة على القول بثبوتها للفقيه إنما هي مجعولة له من قبل الأئمة (عليهم السلام) لا منتقلة إليهم بالتوريث، فلا يمكن اثباتها للفقهاء بمثل هذه الروايات.
وثالثا: إن الولاية خارجة عن حدودها تخصصا، وذلك من جهة أنها