واضح لا يخفى.
بل الوجه في ذلك أن الأخذ باليد إنما يوجب الضمان إلى أن يرد المأخوذ إلى المالك، بمقتضى قوله (صلى الله عليه وآله): على اليد ما أخذت حتى تؤدي (1)، فما لم يرده إلى مالكه إما بالعين مع البقاء أو بالمثل أو القيمة مع التلف لا يبرء ذمته، بل هذا هو مفاد السيرة العقلائية كما تقدم في ما لا يضمن.
وعلى هذا فالغاصب الأول حيث إنه أعطى المال للثاني فباعطائه تحقق الأداء، فهذا الأداء وإن كان قبل وصول المال بعينه أو بعوضه إلى مالكه لا يفيد بوجه، بل هو أدي غير مشروع، ولكن بعد ما أداه الغاصب الثاني بعينه أو بمثله وقيمته إلى مالكه فيكون مالكا للتالف، إن كان لاعتبار الملكية هنا فائدة، فإذا رجع هذا الثاني إلى الأول وادعى منه ما ملكه بالمعاوضة القهرية فيقول في جوابه: إني أديته لك فردني ما أعطيتك، فأعطى لك مالك بأداء المثل أو القيمة، فيكون أداؤه هذا مفيدا في المقام.
وبعبارة أخرى أنك عرفت أن الضمان هنا نظير الواجب الكفائي، وعليه أن الواجب الكفائي وإن كان واجبا على كل مكلف إلا أن الآثار تترتب على ما يكون مأتيا في الخارج وتشخص بوجوده الخارجي، كما أن الأمر كذلك في الواجب التخييري وإن كان المأتي مصداقا للجامع، أعني الجامع بين هذا أو ذاك، فلا يخرج هذا الجامع عن جامعيته.
وبعبارة أخرى أن التشخص إنما يكون بنفس الوجود، فما يكون موجودا في الخارج فهو المتشخص المحط للآثار لا الأفراد الأخر