المشتري، لعدم ثبوت ضمانها ابتداء على البايع.
بيان ذلك: إن أحدا لو قدم طعاما لأحد ليأكله بما أنه مال شخص المعطي فأخذه الأكل فأكله فإنه قد أخذه ذلك بعنوان أنه مجاني ولم يقدم على الضمان من الأول، وكذلك أن المعطي قد سلطه على ذلك بما أنه مال نفسه ولو كان في الواقع مال غيره ويعلم أنه مال الغير، فإذا علم الأخذ بعد تلفه أنه مغصوب فليس للمعطي أن يرجع إلى الأخذ ويقول:
إن هذا كان مال الغير فإني أعطيته لك بعنوان مالي كتابا، فإن التسليط ليس إلا تسليطا مجانيا، فلم يكن أخذه إلا أخذا مجانيا، بل لو رجع إليه المالك فهو يرجع إلى المعطي أيضا لأنه ليس هذا إلا كتقديم مال نفسه لشخص باعتقاد أنه مال الآخذ فانكشف أنه مال نفسه، فإنه ليس له أن يرجع إلى الآخذ بدعوى أنه كان في عقيدتي أنه مالك، فإن الأخذ ليس إلا أخذا مجانيا فلا ضمان فيه بل هذا وتقديم ماله الواقعي مع العلم به ليس إلا واجدا.
إذن فيكون تقديم مال الغير أيضا مثله، فإنه مع رجوع الغير إليه فبخروجه عن عهدة الضمان يكون مالكا بقاء لما قدمه إلى الغير، فليس في تسليط الغير على اتلاف ماله بين ما يكون ماله حدوثا وبين ما يكون مالا له بقاء، فكما أن تسليط الغير على تسليط ماله مجانا ابتداء لا يوجب الضمان كذلك ما يكون مالا له بقاء بسبب الخروج عن عهدة الضمان.
فهذا الذي ذكرناه مما قامت به السيرة العقلائية، وأما رجوع الآخذ إلى المعطي لو رجع إليه المالك فواضح، لأن السبب في تفويته هو المعطي وإنما غره بعنوان أنه مال نفسه، فهو السبب أي المعطي في التلف وإن كان المتلف بالمباشرة هو الآخذ، إلا أن العرف يستندون ذلك الاتلاف إلى المسبب لقوته ولاغراء الآخذ بذلك، فمثل هذه الخديعة