نعم يختلف الاحتياط من حيث الشدة والضعف بحسب الموارد، فالاحتياط في أموال الجائرين أشد من الاحتياط في أموال بقية الناس.
وعلى الجملة لا طريق لنا إلى اثبات الكراهة في جوائز السلطان، لأنه إن كان المراد بالكراهة الكراهة الشرعية، فالأخبار المذكورة غريبة عنها، وإن كان المراد بها الكراهة الارشادية الناشئة من حسن الاحتياط، فلا اختصاص لها بالمقام.
3 - إن أخذ المال منهم يوجب محبتهم، فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، وقد نهي في الأخبار المتواترة عن موادتهم ومعاشرتهم، وقد أشرنا إليها في البحث عن حرمة معونة الظالمين.
وفيه: أنه لا شبهة في ورود النهي، إما تحريميا كما في جملة من الأخبار، أو تنزيهيا كما في جملة أخرى منها عن صحبة الظالمين وموادتهم ومجالستهم، ولكن بين ذلك وبين أخذ جوائزهم عموما من وجه، إذ قد يكون أحد محبا للظلمة وأعوانهم من دون أن يأخذ شيئا منهم، كالذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله، حتى صاروا من أولياء الظلمة ومحبيهم.
وقد يأخذ أحد جوائزهم وأموالهم وهو لا يحبهم، بل ربما أوجب ذلك بغضهم وعداءهم، كما إذا كان أجيرا للظالم وأعطاه أقل من أجرة المثل، ودعوى كون الإجارة خارجة عن مورد البحث دعوى جزافية، فقد عرفت أن مورد البحث أعم من أن يكون الأخذ مجانا أو مع العوض.
4 - قوله (عليه السلام) في رواية الفضل: والله لولا أنني أرى من أزوجه بها من عزاب بني أبي طالب لئلا ينقطع نسله ما قبلتها أبدا (1).