وقد اتضح مما قدمناه جواز بيع أبوال ما لا يؤكل لحمه وضعا وتكليفا كما اتضح جواز بيع أبوال ما يؤكل لحمه مطلقا، بل الجواز هنا بالأولوية، إبلا كان أو غيرها، جلالا كان أو غيره، قلنا بجواز شربه اختيارا أو لم نقل، لأن جواز الشرب لا يعد من منافع البول ليكون مالا باعتباره ويدور الحكم بجواز البيع مداره.
وهم ودفع:
قد استدل المحقق الإيرواني (رحمه الله) على فساد المعاملة عليها بقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم (1)، على أن يراد من الباطل ما يعم الباطل العرفي والشرعي، ومراد المستدل أن أخذ المال عوضا عن أبوال ما لا يؤكل لحمه أكل للمال بالباطل (2).
وفيه: أن دخول باء السببية على الباطل ومقابلته في الآية للتجارة عن تراض - ولا ريب أن المراد بالتجارة هي الأسباب - قرينتان على كون الآية ناظرة إلى فصل الأسباب الصحيحة للمعاملة عن الأسباب الباطلة، كما نبه عليه المستدل في أول البيع وغيره (3).
وعلى ذلك فيكون الغرض من الباطل الأسباب الباطلة، فلا يكون لها تعلق بما لا مالية له من العوضين كما يرومه المستدل.
كما أن المراد من الأكل فيها ليس هو الازدراد على ما هو معناه الحقيقي بل هو كناية عن تملك مال الغير من غير استحقاق، وإن كان ذلك