مأخذها وهي ليست من السحر في شئ كثيرة جدا، كالقوى الكهربائية والراديوات والطائرات وبعض أقسام أدوات الحرب وغير ذلك مما لا يعرفه أكثر الناس خصوصا الصناعات المستحدثة.
وقد ظهر مما ذكرناه الفرق بين السحر وبين المعجزة والشعوذة، فإنك قد عرفت في البحث عن حرمة التصوير اجمالا أن الاعجاز أمر حقيقي له واقعية إلا أنه غير جار على السير الطبيعي، بل هو أمر دفعي خارق للعادة، وأما المقدمات الطبيعية فكلها مطوية فيه كجعل الحبوب أشجارا وزروعا والأحجار لؤلؤا ويواقيت دفعة واحدة، ومنه صيرورة عصا موسى (عليه السلام) ثعبانا وصيرورة الأسد المنقوش على البساط حيوانا مفترسا بأمر الإمام (عليه السلام) في مجلس الخليفة، وقد تقدم ذلك في المبحث المذكور.
وأما السحر، فقد عرفت أنه ليست لها حقيقة واقعية أصلا.
وأما الشعوذة، فسيأتي أنها عبارة عن الخفة في اليد والسرعة في الحركة، المعبر عنها في لغة الفارس بكلمة: تردستي وتندكاري، فإن المشعوذ الحاذق يفعل الأمور العادية والأفعال المتعارفة بتمام السرعة بحيث يشغل أذهان الناظرين بأشياء ويأخذ حواسهم إليها ثم يعمل شيئا آخر بسرعة شديدة وبحركة خفيفة فيظهر لهم غير ما انتظروه ويتعجبون منه، ولكن الصادر منه أمر واقعي كأخذ الأشياء من موضع ووضعها في موضع آخر بالسرعة التامة حتى يتخيل الناظر إليها أنها انتقلت بنفسها، فالنقل والانتقال أمر حقيقي ولكن الناظر لا يلتفت إلى الناقل.
وهذا بخلاف السحر فإنه أمر خيالي محض كما عرفت التنبيه عليه، ومن هنا اتضح الفرق بين الشعوذة والمعجزة أيضا.
وأما ما ذكره الأصحاب من بيان حقيقة السحر وأسبابه وأقسامه،