نعم قد عرفت فيما سبق حرمة التسبيب إلى الحرام وجعل الداعي إليه، لكن حرمة ذلك لا تستلزم الحرمة في المقام.
2 - ادعاء الاجماع على ذلك.
وفيه: أنها دعوى جزافية لاحتمال كون مدرك المجمعين هي الوجوه المذكورة في المسألة فلا يكون اجماعا تعبديا، مضافا إلى عدم حجية الاجماع المنقول في نفسه.
3 - إن ترك الإعانة على الإثم دفع للمنكر ودفع المنكر واجب كرفعه، وإليه أشار المحقق الأردبيلي في محكي كلامه (1)، حيث استدل على حرمة بيع العنب في المسألة بأدلة النهي عن المنكر، واستشهد له المصنف برواية أبي حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام)، من أنه: لولا أن بني أمية وجدوا لهم من يكتب ويجبى لهم الفئ ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبوا حقنا (2).
وفيه أولا: أن الاستدلال بدفع المنكر هنا إنما يتجه إذا علم المعين بانحصار دفع الإثم بتركه الإعانة عليه، وأما مع الجهل بالحال أو العلم بوقوع الإثم بإعانة الغير عليه فلا يتحقق مفهوم الدفع.
وثانيا: أن دفع المنكر إنما يجب إذا كان المنكر مما اهتم الشارع بعدم وقوعه كقتل النفوس المحترمة، وهتك الأعراض المحترمة، ونهب الأموال المحترمة، وهدم أساس الدين وكسر شوكة المسلمين، وترويج بدع المضلين ونحو ذلك، فإن دفع المنكر في هذه الأمثلة ونحوها واجب بضرورة العقل واتفاق المسلمين، وقد ورد الاهتمام به في بعض