أما الحالة الأولى، فلا شبهة في جواز المعاوضة على الدراهم المذكورة، لأن الغرض الأصيل منها أعني الرواج غير تابع لخلوص المواد ونقائها من الغش، بل هو تابع لاعتبار سلطان الوقت لها وجريان القانون الحكومي عليه، من غير فرق بين اغتشاش المادة وخلوصها، نعم إذا سقطت عن الاعتبار فلا تجوز المعاوضة عليها من دون اعلام.
أما الحالة الثانية، فإن المعاوضة قد تقع على الدرهم الكلي ثم يدفع البايع الدرهم المغشوش عند الاقباض، وقد تقع على شخص الدرهم الخارجي المغشوش، فعلى الأول لا وجه للبطلان أيضا، ولا خيار للمشتري، بل يجبر البايع على التبديل، فإن حصل التبديل فيها وإلا كان للمشتري الخيار، وعلى الثاني فقد يكون المتعاملان كلاهما عالمين بالغش، وقد يكونان جاهلين به، وقد يكونان مختلفين.
أما الصورة الأولى، فلا ريب في إباحة البيع تكليفا ونفوذه وضعا للعمومات، ودعوى أن الغش مانع عن صحة البيع للأخبار المتظافرة الآتية في البحث عن حرمة الغش دعوى جزافية، ضرورة خروج هذه الصورة عن موردها خروجا تخصصيا، إذ الغش إنما يتقوم بعلم الغار وجهل المغرور، وقد فرضنا علم المتبايعين بالحال.
والتمسك لذلك بروايتي الجعفي وموسى بن بكر المتقدمتين، بدعوى ظهورهما في حرمة بيع الدراهم والدنانير المغشوشة توهم فاسد، فإن الروايتين وإن كانتا ظاهرتين في ذلك ولكن يجب حملهما على الكراهة لصراحة ما دل من الروايات (1) على جواز البيع مع علم المتبايعين بالحال.