شرح العروة الوثقى - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٢٥٧

____________________
فالاستصحابان متعارضان، بناءا على جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية.
ولكن على مبنى السيد الأستاذ القائل بعدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية، كان ينبغي له أن يتمسك باستصحاب الطهارة في الكر، لأنه يفصل بين الأحكام الالزامية والأحكام الترخيصية، فهو يرى أن الاستصحاب في الشبهة الحكمية لا يجري في الحكم الإلزامي، ولكنه يجري في الأحكام الترخيصية، من قبيل الطهارة أو الإباحة، فكان بامكان السيد الأستاذ - على مبناه - أن يجري استصحاب الطهارة في الماء الكر.
وبعد أن فرضنا التلازم بين أبعاض الماء الواحد في الحكم واقعا وظاهرا فيكون دليل الاستصحاب الدال بالمطابقة على التعبد الاستصحابي بطهارة الماء الكر دالا بالالتزام على التعبد بطهارة الماء الآخر المختلط به أيضا، وبذلك تثبت طهارة جميع الماء بدليل الاستصحاب أحد جزئيه بالمطابقة والآخر بالالتزام.
وليس هذا من إثبات اللوازم العقلية بالاستصحاب، لأن المفروض أن التلازم ثابت حتى في مرحلة الظاهر، فاللازم الذي نثبته - وهو طهارة الماء المتغير ظاهرا - لازم لنفس الاستصحاب لا للمستصحب، فلا اشكال في امكان إثباته (1)

(١) يجب الانتباه هنا إلى أن عدم تبعض الماء الواحد في الحكم واقعا وظاهرا، قد يكون مدركه هو الاجماع، وقد يكون مدركه هو الارتكاز العرقي. ويلاحظ أن ما ذكر في النقطة الثانية من جريان استصحاب الطهارة دون أن يعارضه استصحاب النجاسة، قد علق في المتن على مدركية الاجماع وكونه هو الدليل على عدم تبعض الماء الواحد في الحكم ولو ظاهرا. وذلك لأن المدرك لو كان هو الارتكاز لسقط استصحاب الطهارة بالمعارضة مع استصحاب النجاسة، حتى بناءا على مبنى انكار إجراء الاستصحاب في الشبهات الحكمية الالزامية.
وتوضيح النكتة في ذلك أن المدرك إذا كان هو الارتكاز، فسوف لن يتم البيان المذكور لا ثبات الطهارة، لأن استصحاب الطهارة في الماء الكر يعارض باستصحاب النجاسة فيما كان متغيرا.
ولا يجدي مخلصا عن المعارضة كون استصحاب النجاسة معارضا مع استصحاب آخر هو استصحاب عدم الجعل الزائد، إذا الأصل الواحد يعارض الأصلين في عرض واحد، ولا معنى لترجيح إحدى المعارضتين على الأخرى.
وحيث أن كلتا المعارضتين في داخل دليل واحد - وهو دليل الاستصحاب إحداهما بملاك التناقض والأخرى بملاك الارتكاز الذي هو أيضا كاستحالة التناقض قرينة متصلة بالخطاب - فلا محالة يبتلى دليل الاستصحاب بالاجمال، وعدم شمول شئ من الاستصحابات الثلاثة.
وإذا كان المدرك لعدم تبعض حكم الماء الواحد هو الاجماع الذي لا يشكل قرينة متصلة بل منفصلة، فالبيان المذكور تام عندئذ، حيث يجري استصحاب الطهارة في الماء الكر لاثبات طهارة تمام الماء. ولا يعارض ابتلى بالاجمال الداخلي على أساس المناقضة مع استصحاب عدم الجعل الزائد.
وأما المنافاة بينه وبين استصحاب الطهارة فليست قائمة على أساس الاجماع الذي لا يشكل إلا قرينة خارجية منفصلة لا تمنع عن انعقاد الاطلاق في نفسه، إذن فاطلاق الدليل لاستصحاب الطهارة تام. بخلاف إطلاقه لاستصحاب النجاسة، فيثبت الأول ويسقط الثاني لا محالة، لأن المجمل لا يمكنه أن يعارض المبين.
(٢٥٧)
مفاتيح البحث: النجاسة (5)، الطهارة (7)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 254 255 257 260 267 271 273 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 5
2 (الماء المطلق والمضاف:) تعريف الماء المطلق والمضاف 9(ش)
3 أقسام الماء المطلق 17(ش)
4 طهارة الماء المطلق ومطهريته 18(ش)
5 الدليل من الآيات 18(ش)
6 الدليل من الروايات 42(ش)
7 أحكام الماء المضاف 53(ش)
8 المسألة الأولى: طهارته في نفسه 53(ش)
9 المسألة الثانية: مطهريته من الحدث 56(ش)
10 المسألة الثالثة: مطهريته من الخبث 85(ش)
11 المسألة الرابعة: انفعاله بالنجاسة 99(ش)
12 الفرع الأول: انفعال المضاف القليل بملاقاة عين النجاسة 99(ش)
13 الفرع الثاني: انفعال المضاف الكثير بملاقاة عين النجاسة 100(ش)
14 الفرع الثالث: انفعال المضاف القليل بملاقاة المتنجس 111(ش)
15 الفرع الرابع: انفعال المضاف الكثير بملاقاة المتنجس 114(ش)
16 عدم انفعال العالي من المضاف بملاقاة سافله للنجاسة 123(ش)
17 المصعد من المطلق 138(ش)
18 المصعد من المضاف 138(ش)
19 المصعد من الماء المطلق الممزوج بغيره 139(ش)
20 طهارة الماء النجس بالتصعيد 140(ش)
21 فرضيات الشك في الاطلاق والإضافة 145(ش)
22 طهارة المضاف النجس بالاستهلاك في الكر أو الجاري 165(ش)
23 فرضيات استهلاك المضاف في الكر 185(ش)
24 لو انحصر الماء في المضاف المخلوط به الطين 194
25 الماء المتغير: انفعال المطلق - بأقسامه - عند التغير بالنجس 199
26 عدم انفعال الماء إذا تغير بالمجاورة 238(ش)
27 فرضيات تغير الماء بالمتنجس 243(ش)
28 التغير التقديري وأقسامه 260(ش)
29 التغير التقديري لوجود مانع عن الفعلية 261(ش)
30 التغير التقديري لعدم مقتضي الفعلية أو فقدان الشرط 273(ش)
31 التغير بما عدا الأوصاف المذكورة للنجس 273(ش)
32 التغير بأحد الأوصاف إذا كان من غير سنخ وصف النجس 280(ش)
33 تغير الوصف العارض للماء بالنجس 287(ش)
34 تغير بعض الماء دون بعضه 289(ش)
35 التغير بالنجس بعد مدة من الملاقاة 300(ش)
36 تغير الماء بالمجموع من النجس الداخل والخارج 301(ش)
37 فرضيات الشك في التغير 303(ش)
38 التغير بالمجموع من النجس والطاهر 311(ش)
39 زوال التغير من غير اتصال بالكر أو الجاري 312(ش)
40 الماء الجاري: 321
41 تعريف الجاري 323(ش)
42 اعتصام الجاري كرا أو قليلا 324(ش)
43 الجاري بالفوران أو الرشح 354(ش)
44 الجاري على الأرض من غير مادة نابعة 354(ش)
45 فرضيات الشك في المادة 355(ش)
46 اعتبار الدوام في المادة 357(ش)
47 الراكد المتصل بالجاري 360(ش)
48 العيون النابعة في بعض فصول السنة 360(ش)
49 إذا تغير بعض الجاري دون بعضه 360(ش)
50 الماء الراكد: 365
51 انفعال الماء الراكد بنحو القضية المهملة 367(ش)
52 التفصيلات التي تستهدف إنكار انفعال الراكد بنحو الموجبة الكلية 392(ش)
53 أولا - التفصيل بين النجس والمتنجس 392(ش)
54 ثانيا - التفصيل بين المتنجس الأول وما بعده 407(ش)
55 ثالثا - التفصيل بين الملاقاة المستقرة وغيرها 412(ش)
56 رابعا - التفصيل بين ما يدركه الطرف من الدم وغيره 414(ش)
57 خامسا - التفصيل بين ورود الماء على النجاسة والعكس 418(ش)
58 تحديد الكر بالوزن 420(ش)
59 تحديدات الكر بالمساحة 434(ش)
60 التحديد بسبعة وعشرين 436(ش)
61 التحديد بستة وثلاثين 441(ش)
62 التحديد باثنين وأربعين وسبعة أثمان 442(ش)
63 علاج التعارض الواقع بين أخبار المساحة 454(ش)
64 تحديد الرطل 470(ش)
65 نجاسة العالي بملاقاة السافل من الراكد 472(ش)
66 حكم الكر المركب من ماء منجمد وماء سائل 473(ش)
67 حكم الماء المشكوك في كريته 474(ش)
68 فرضيات الشك في الكرية حين الملاقاة مع النجاسة 482(ش)
69 لو حصلت الكرية والملاقاة في آن واحد 491(ش)
70 إذا وقعت النجاسة في أحد المائين اللذين يعلم بكرية أحدهما 495(ش)
71 القليل النجس المتمم كرا 499(ش)