في أول الأمر فوضعوا أولا معنى الواجب على ذلك الوجه فإذا شرعوا في شرح خواصه انكشف معنى آخر لواجب الوجود كما سنذكر على وجه التصدير وهذه عادتهم في بعض المواضع لسهولة التعليم كما فعلوا من اثباتهم الوسائط العقلية والنفسية والطبايع الجسمية ونسبه العلية والإفاضة والآثار إليها أولا ثقة بما بينوا في مقامه ان لا مؤثر في الوجود الا الواجب وانما ينسب العلية والتأثير إلى ما سواه من المبادي العقلية والنفسية والطبيعية من اجل انها شرائط ومعدات لفيض الواحد الحق وتكثرات لجهات جوده ورحمته ونحن أيضا سالكوا هذا المنهج في أكثر مقاصدنا الخاصة حيث سلكنا أولا مسلك القوم في أوائل الأبحاث وأواسطها ثم نفترق عنهم في الغايات لئلا تنبو الطبائع عما نحن بصدده في أول الأمر بل يحصل لهم الاستيناس به ويقع في اسماعهم كلامنا موقع القبول اشفاقا بهم فكما انهم غيروا معنى الواجب عما فهمه المتعلمون من التعريف الخارج من التقسيم فكذلك نحن غيرنا معنى الممكن في بعض ما سوى الواجب عما فهم الجمهور كما ستقف (1) عليه.
فالتقسيم الأقرب (2) إلى التحقيق ما يوجد في كتبهم ان كل موجود إذا لاحظه العقل من حيث هو موجود وجرد النظر اليه عما عداه فلا يخلو اما ان يكون بحيث ينتزع من نفس ذاته بذاته الموجودية بالمعنى العام الشامل للموجودات ويحكم بها عليه أم