إمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي - محمد علي البار - الصفحة ٨٧
ومن ذلك أن الرضا قال: (واعجبا من هذا. أنا وهارون (الرشيد وكان هارون يضيق عليه) كهاتين، وضم إصبعيه السبابة والوسطى.. فقال مسافر، راوي القصة، فوالله ما عرفت حديثه من هارون إلا بعد موت الرضا ودفنه إلى جانب هارون الرشيد في مدينة طوس) التي تعرف الآن باسم مدينة مشهد (أي مشهد الرضا) وهي في غرب إيران.
وروى ابن الصباغ عن موسى بن عمران أنه قال: (رأيت علي بن موسى الرضا في المدينة (المنورة) وهارون الرشيد يخطب، قال: أتروني وإياه ندفن في بيت واحد!!؟.
وعن حمزة بن جعفر الأرجائي، قال: خرج هارون الرشيد من المسجد الحرام من باب وخرج علي بن موسى الرضا من باب فقال الرضا: يا بعد الدار وقرب الملتقى يا طوس... يا طوس.. يا طوس ستجمعيني وإياه.
وروى بكر بن صالح قال: أتيت الرضا وقلت له إن امرأتي حامل فادع الله أن يجعله ذكرا، فقال: هما اثنان فقلت أسمي واحدا محمدا والآخر عليا، فدعاني وردني وقال: سم واحدا عليا والأخرى أم عمرو. فقدمت الكوفة فولدت لي غلاما وجارية فسميت الذكر عليا والأنثى أم عمرو كما أمرني.. وقلت لأمي: ما معنى أم عمرو؟ قالت: جدتك كانت تسمى أم عمرو (1).

(١) قد يعترض معترض فيقول إن هذا من علم الغيب الذي اختص الله بعلمه. قال تعالى: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام. وما تدري نفس ماذا تكسب غدا. وما تدري نفس بأي أرض تموت. إن الله عليم خبير) (سورة لقمان ٣٤). وفي كتاب التفسير من صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله. لا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة).
وقد أجاب عن ذلك ابن كثير في تفسيره هذه الآية (ج ٣ / ٤٥٣) فقال: (هذه مفاتيح الغيب التي استأثر الله بعلمها فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى. فعلم وقت الساعة لا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب (لا يجليها لوقتها إلا هو)، وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله، ولكن إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون بذلك، ومن يشاء الله من خلقه. وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه الله تعالى سواه، ولكن إذا أمر بكونه ذكرا أو أنثى، شقيا أو سعيدا، علم الملائكة الموكلون بذلك ومن شاء الله من خلقه).
وأجاب عن ذلك ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ج ٨ / ٥١٤ حيث قال: (وأما ما ثبت بنص القرآن أن عيسى عليه السلام يخبرهم بما يأكلون وما يدخرون، وأن يوسف قال أنه ينبئهم بالطعام قبل أن يأتي إلى غير ذلك مما ظهر من المعجزات والكرامات فكل ذلك يمكن أن يستفاد من الاستثناء في قوله تعالى: (إلا من ارتضى من رسول) فإنه يقتضي اطلاع الرسول على بعض الغيب. والولي التابع للرسول عن الرسول يأخذ وبه يكرم. والفرق بينهما أن الرسول يطلع على ذلك بأنواع الوحي كلها والولي لا يطلع عليه إلا بمنام أو إلهام).
وبمثل هذا القول أجاب الإمام الشافعي من قبل وقال: (إن النبي ويتبعه في ذلك الولي لا يعلم الغيب استقلالا بل يعلمه الله ذلك).
ويستطيع الأطباء في معظم الأحيان تحديد جنس الجنين ذكر أم أنثى، واحد أم توأم إلى غير ذلك بعلم علمهم الله إياه وبفحوص يجرونها مثل فحص الموجات فوق الصوتية وأخذ عينة من السائل المحيط بالجنين (السائل الامنيوسي) وأخذ عينة (خزعة) من المشيمة. وبها يمكن معرفة كثير من الأمراض التي قد تصيب الجنين وراثيا أو نتيجة عدوى أو إصابة.
ومعرفة الأطباء ليست خرقا للغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله لأن الله سبحانه وتعالى علمهم ذلك بعلم أتاحه الله لهم في هذا القرن.. وليس بمستغرب إذا على من كان في منزلة الإمام علي الرضا أن يعلمه الله جنس الجنين وكونه توأما عندما سأله بكر بن صالح عن ذلك.. ولا بمستغرب كذلك أن يعلمه الله أنه يدفن هو وهارون الرشيد في موضع. فهو من الغيب الذي يطلع من يشاء من عباده على أجزاء يسيرة منه.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 الباب الأول: فضائل أهل البيت النبوي 11
3 تفسير قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) 14
4 كلان ابن تيمية 14
5 كلام ابن جرير الطبري 15
6 كلام القرطبي 18
7 كلام ابن كثير 19
8 حديث الثقلين 19
9 آية المباهلة 21
10 كلام ابن جرير 22
11 تفسير القرطبي 22
12 تفسير ابن كثير 23
13 قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) 23
14 تفسير ابن جرير 23
15 تفسير ابن عطية 25
16 بعض الأحاديث التي وردت في آل البيت 25
17 من مناقب الإمام علي (كرم الله وجهه) 25
18 من صحيح البخاري 25
19 من صحيح مسلم 26
20 من سنن النسائي 27
21 من سنن الترمذي 27
22 من سنن ابن ماجة 27
23 من المستدرك للحاكم 28
24 بعض الأحاديث الواردة في فاطمة وبنيها (رضي الله عنهم) 32
25 بعض مناقب الحسن والحسن (رضي الله عنهما) 35
26 أحاديث في آل البيت عامة 37
27 من أصول الإسلام محبة آل البيت 40
28 كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في وجوب محبة آل البيت وتوقيرهم 40
29 كلامه في حقوق آل البيت وأن بغضهم علامة الكفر والنفاق 44
30 موقف أهل السنة من آل البيت النبوي الكريم 46
31 موقف الإمام مالك بن أنس 46
32 أبو حنيفة النعمان 50
33 الإمام الشافعي 54
34 الإمام أحمد بن حنبل 58
35 الإمام النسائي 58
36 كلام ابن تيمية في المهدي 59
37 أحاديث المهدي تبلغ حد التواتر 60
38 كلام ابن حجر الهيتمي وغيره من العلماء 60
39 موقف الشيخ عبد المحسن العباد والشيخ عبد العزيز بن باز من أحاديث المهدي 63
40 بعض المصنفات في المهدي 64
41 واجب من ينتسب إلى البيت النبوي الطاهر 65
42 فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز 67
43 الباب الثاني: الإمام علي الرضا: حياته وعلمه وكراماته وفضله 69
44 (1) الإمام علي الرضا 71
45 نسبه ومولده 71
46 من شعر أبي نواس في الإمام الرضا 71
47 من شعر دعبل الخزاعي 72
48 قصة المأمون مع الإمام علي الرضا 74
49 كتاب العهد الذي كتبه المأمون لعلي الرضا 75
50 التعليق على هذا الكتاب ورد قول د. حسن إبراهيم حسن وبروكلمان 77
51 ما كتبه الإمام علي الرضا بخطه على عهد المأمون 79
52 صلاته بالناس يوم العيد 80
53 من كلامه ومروياته وصفاته 81
54 موقفه مع بعض الصوفية 86
55 من كراماته (رضي الله عنه) 87
56 احتباس المطر بعد البيعة بولاية العهد للرضا 92
57 (2) والد الإمام الرضا: الإمام موسى الكاظم 96
58 صفته ونسبه 96
59 من كراماته 97
60 (3) ابن الإمام علي الرضا: الإمام محمد الجواد 102
61 نسبه وصفته وعلمه 102
62 من كلامه ومروياته 105
63 (4) مولى الإمام علي الرضا: معروف بن الفيرزان الكرخي 106
64 نسبه وقصة إسلامه على يد علي الرضا 106
65 إقبال معروف على الله 108
66 من كلامه 108
67 من كراماته 110
68 من تلاميذه 110
69 الباب الثالث: الرسالة الذهبية ومصنفات الإمام علي الرضا 111
70 مصنفات الإمام علي الرضا 113
71 طب الإمام الرضا 114
72 مخطوطات الرسالة الذهبية 114
73 مطبوعات الرسالة الذهبية 116
74 الشروح التي وضعت على هذه الرسالة 116
75 سبب تأليف الرسالة وتسميتها 119
76 رسالة المأمون إلى الإمام الرضا وتقريظه الرسالة 121
77 قيمة الرسالة العلمية والتاريخية 123
78 الباب الرابع: المدخل إلى فهم كتب الطب القديمة وكتب الطب النبوي 127
79 كتاب المدخل الصغير إلى علم الطب للرازي 130
80 الرازي يلخص الفلسفات اليونانية في خلق العالم وتكوين العناصر 130
81 الأمزجة الأربعة في جسم الانسان 131
82 الدم 131
83 البلغم 132
84 المرة الصفراء 132
85 المرة السوداء 133
86 خصائص الأمزجة ومراحل عمر الانسان 134
87 الباب الخامس: نص الرسالة الذهبية وشرح بعض مفرداتها والتعليق عليها 139
88 نص الرسالة الذهبية 141
89 علم الجفر 141
90 إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء 142
91 مثال الجسم على مثال الملك ووظائف الأعضاء 144
92 عمارة الجسم مثل عمارة الأرض الطيبة والاعتدال في الطعام 146
93 فصول السنة 149
94 وصف الشراب الخلال 152
95 قوة النفس تابعة لمزاج البدن 153
96 النوم سلطان الدماغ 153
97 السواك 154
98 بعض المآكل والممارسات وما يضر الجمع بينها 157
99 الحمام 157
100 الحجامة 159
101 نصائح عامة: أهمية عدم حبس البول 165
102 أكل التمريقي من البواسير 166
103 الزنجبيل لمعالجة النسيان وتقوية الذاكرة 168
104 وضع قطنة في الاذن عند النوم 170
105 أكل الشهد وقاية من الزكام 170
106 معرفة أنواع العسل 171
107 شم النرجس والحبة السوداء وقاية من الزكام 172
108 أكل الخيار في الصيف والتحذير من الجلوس في الشمس 173
109 فوائد أكل السمك الطري 175
110 فوائد أكل الثوم 176 تدبير أمر الجماع 178
111 تدبير أمر السفر 181
112 مراحل العمر 182