تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٣ - الصفحة ٨٣
والصوت سواء اختلف باعتبار القارع والمقروع كخشب وحديد وذهب ورصاص أو اتحد كالصادر من الاجرام المتصاكة وبالذوق الطعوم التسعة، وأما اللمس فالمدرك به الكيفيات الأربع الخشونة والنعومة والخفة والليونة ونظائرها.
* (فروع: الأول) * لا يتغير الادراك من محله مطلقا كما سيأتي في القوى وإنما تنافيه العوارض.
(الثاني) لا يدرك بالحاسة غير ما اختصت به والقول بجوازه خروج عن الموضوع العقلي وهذا باعتبار ما وقع لا بصلاحية قدرة المختار (الثالث) لم تقف الحكماء على حقيقة الفارق بين أنواع المدركات باعتبار مشخصاتها وما في النفس من التفصيل فلا سبيل إلى التعبير عنه ألا ترى أن الحلاوة في نفسها نوع يندرج تحته السكر والعسل والزبيب والتمر إلى غير ذلك ومتى طلب الفرق بين هذه تعذر لان الزيادة الظاهرة في العسل بالنسبة إلى السكر ليست راجعة إلى الحلاوة بل الحرافة فان العسل حريف يحذو اللسان ويقطع اللزوجات وكذا القول في المسك والعنبر إلى غير ذلك.
(الرابع) هل تختلف الحاسة التي تجمع ذلك باختلافه أو تتكيف بحسب الوارد خلاف لم أقف على حقيقته وسيأتى أنهم أجمعوا على أنها واحدة وسنشير إلى ذلك في القوى هذا ما يتعلق بتشريح الظاهر من البدن بسيطا ومركبا.
[القول في تشريح الباطن] وذكر ما أودع الحكيم فيه من آلات الهواء والغذاء ودقائق تأليف ذلك. اعلم أن الحيوان لا بقاء له بدون ما تأداه من الهواء والغذاء والشراب، ليعدل بالهواء مالولاه لا حترق به من الحرارة ويخلف بالثاني ما تحلله الحركة ونحوها من أجزاء البدن ويوصل بالثالث الغذاء إلى غاياته. فان قيل نجد من الحيوان ما يعيش العمر الطويل بغير الماء كالظباء السندية والنعام الوحشية فلو كان ضروريا لما جاز ذلك قلنا لا شبهة في أن غاية الماء ما ذكرناه كما سيأتي فإذا جاز الايصال والتصريف بغيره لعارض جاز الاستغناء عنه ولا شك أن الظباء المذكورة لا تغتذى بغير النبات السريع التحلل فيكفي فيه حركتها والهواء، وأما النعام فحرارتها الغريزية الشديدة الاشتعال لا تبقى ما يتكثف، ولما كانت عناية الحكيم تعالى وتقدس مصروفة إلى بقائه مدة ينقضى فيها ما خلق له لاجرم ركب في باطنه أعضاء قائمة بها قوام البنية وبها تتصرف فيما هي له وأول هذه الآلات فضاء الفم حصنه بالشفتين المشتملتين على انطباق وانتفاخ وحركة محكمة وجعله حساسا أملس يشعر بالمنافى فيلقيه ولا يمسك الطعام في أجزائه فيتغير وقدره في كل حيوان بحسبه كعظمه في عظيم الجثة ليقدر على أخذ ما يقوم به فلذلك أماط عنه الأسنان في الطير لئلا تكون عائقة له عن اختراق الهواء وعوضه المناسر الخفيفة وطول العنق الموجب لقدرة الطيران وزينه في غيره بها لتكون عونا على سحق الأجسام الصلبة التي لو وصلت بدونه لاوجبت فساد الآلات وباللسان للإدارة والازدراد وأوصل غشاءه بغشاء المرئ مماسا لينزلق الطعام والشراب وغطى مسلك الهواء عند البلع لئلا يسقط فيه من الطعام والشراب شئ فيهلك الحيوان وجعل مجرى الهواء صلبا لأنه لطيف لا يزدحم ومجرى الطعام لينا ليطاوع فيتسع للجرم الكبير ويضيق في الصغير وزاد في غريزية ما عدم الأسنان لتقوم مقامها كذوات الحواصل كل ذلك من دقائق الحكمة، وداخله اللهاة وهى لحم رخو يشكل الصوت ويعدل الهواء. إذا عرفت ذلك فاعلم أن داخل الفم كما ذكرناه منفذين أحدهما مجرى الهواء وأوله رأس الحنجرة من ثلاثة غضاريف أحدها الترس مستدير غير تام ومقابله غضروف يعرف بالذي لا اسم له والثالث يسمى الطر جهان ينطبق عليها عند الحاجة ويصير هذا الشكل كدائرة ناقصة ويغشيه غشاء أملس من داخله تقعير
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 صفة خواتم الملوك السبعة وبخوراتهم 4
3 حرف الياء 5
4 حرف الكاف 6
5 فصل في الحد والموضوع 7
6 فصل في أولها وهي العناصر 7
7 فصل في ثانيها وهو المزاج 8
8 حرف اللام 14
9 حرف الميم 16
10 فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج 29
11 حرف النون 43
12 حرف السين 53
13 الفصل الأول في سبب انقسامها وانحصارها 53
14 فصل في النواميس وكيفية أعمالها 62
15 فصل في المحاريق وكيفية أعمالها 65
16 فصل في التعافين 65
17 فصل في المراقيد 67
18 فصل في عمل النيرنجيات 67
19 باب في الإخفاء 68
20 حرف العين 70
21 علم الحرف 89
22 في معرفة التصرفات بالأوفاق العددية واستخراج الأعوان العلوية 93
23 فصل في استخراج أسماء الملوك العلوية وأسماء الأعوان السفلية 94
24 علم منازل القمر وما يتعلق به والكواكب وما يتعلق بها وغير ذلك 101
25 فصل في أن الآدمي فيه شبه كل شيء من العالم السفلى والعلوي 104
26 فصل في ذكر ملحمة مباركة على الكواكب السبعة السيارة 106
27 فصل في الأوقاف السعيدة والأوقات النسخة وساعاتها 111
28 باب في ذكر التهاييج 113
29 حرف الفاء 127
30 حرف الصاد 138
31 حرف القاف 144
32 حرف الراء 147
33 باب فيه نكت وغرائب في ضرب المسائل لمن أراد سفرا أو غير ذلك 169
34 فصل في معنى الولد والبحث عنه ذكر هو أم أنثى 169
35 فصل في معرفة الضمير 169
36 فصل في الخصومة 169
37 فصل في السفر البحر 169
38 فصل في صفة سؤال المريض عن مرضه 170
39 باب المفردات والكلام عليها 170
40 فصل في إخراج الاسم 171
41 فصل في معرفة الوضع 172
42 حرف الشين المعجمة 172
43 حرف التاء المثناة 179
44 حرف الثاء المثلثة 181
45 حرف الخاء المعجمة 182
46 حرف الدال المعجمة 183
47 حرف الضاد المعجمة 183
48 حرف الظاء المعجمة 183
49 حرف الغين المعجمة 184
50 خاتمة في نكت وغرائب ولطائف وعجائب 185
51 فصل في كيفية هضم الغذاء وفساده 191
52 فصل في مقدار الماء الذي يشربه المهموم عند العطش 191
53 فصل في الفصد والاستفراغ والجذب ودوائها 191
54 فصل في المعاجلة بالدواء الواحد خير من المعاجلة بالمركب 192
55 فصل في كان حكماء اليونان إذا أشكل عليهم حال المريض خلوا بينه وبين الطبيعة 192
56 فصل إذا قال الأطباء كزرة يابسة فمرادهم حشيشتها لا بزرها وفوائد مختلفة 192
57 فصل في كيفية محبة الرجال والنساء 192
58 فصل في علاج من سقى المرتك 193
59 دعاء آخر السنة 196
60 فصل في التحييرات المجربة 197