تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٣ - الصفحة ٤٠
الهواء عند دخوله في منافذ يصنعونها ومنه أخذت ذوات الشعب الثمانية على ما رأيته في الاستدلال والاسرار اليونانية وأكثر ألحان الصين عليه إلى الآن، وأما الهند فقد لحنوا على طرق الأواني المجوفة وغايروها بالماء على أنماط مختلفة والروم بالنحاس والخشب وعلى ذلك لحنت الأناجيل في الكنائس واستمر هذا الامر حتى جاء هذا الرجل فاستنبط من هذه المواد ونحوها نسبا قارب بها الطبائع والحركات الفلكية واخترع العود المعروف بالسنج وجعل أو تارها على أوزان تفريع أورطا من القلب إلى الأصابع واختصر ذوات الشعب حتى ضرب بها وحده ثم غير الناس بعده أنماطا مختلفة ليس هذا موضع بسطه وقد فصله الشيخ في الأصل، والذي يخصنا هنا أحكام الأصول التي عليها المدار وكيف دل النبض على أحوال البدن بواسطتها. اعلم أن الملاذ التي عليها مدار الوجود أربعة أفضلها المأكل لعدم قيام البدن بدونه، ويليه السماع لتعلقه بالنفس وهى أشرف أجزاء البنية، ويليه النكاح لتعلقه بإيجاد النوع، ثم الملبس لحفظ البدن قال وليس التبسط فيه من مقاصد العقلاء لأنه من حيث هو مقصود به الوقاية والستر. وأما النكاح والمأكل فكلاهما من تعلق البهيمية أصالة فما زاد عن توليد النوع وإقامة الجسم منهما بطر. وأما السماع فليستكثر منه من شاء ما شاء لأنه أقل الأربعة حاجة إلى مزايلة خارجة بل كلما وافق الدعة والسكون كان أدخل في المزاج ثم لا يختلف بالنسبة إلى النفس من حيث الآلات اختلافا يعتد به وإنما الاختلاف من حيث اللحون والأغاني، فإن كانت في ذكر الشجاعة والحروب ناسب أهل طالع المريخ أو الغضب كانت أكثر حظا منها الحيوانية أو في العشق ومحاسن الاغزال ولطف الشمائل ومدح أهل العلوم والآداب ناسب أهل الزهرة وعطارد أو في الديانات والزهد فالمشترى أو في الكتابة والحساب وتدبير الممالك فالقمر، أو في السلطنة وعلو الهمة فالشمس وأكثر النفوس حظا من هذه الأقسام النفس الناطقة ودونها العاقلة والعاملة أو تعلقت بالمآكل والمنا؟؟ ح والتطفل ونحو ذلك فأهل حضيض السفليات وأولى النفوس بها الطبيعية، أو بذكر الرياض والغراس والسياحة واستنباط العلوم الدقيقة وطول الفكر فأهل زحل. وعلى هذا يجب على صاحب هذه الصناعة إذا أراد بها بسط قوم أو معرفة مرض أو دفع تشاجر أو دفع هم أن يتحرى المناسب في مجلسه فان عجز لكثرة الجمع ألف من ذلك نسبا صالحة فان عجز قصد مناسبة الرئيس الحاضر وطالع الوقت فإنه يبلغ الغرض. ومتى وقع السماع ولم يصب صاحبه غرض الطالب فآفاته التي منعت إما من حيث الآلة أو اللحن أو الضرب أو الطالع أو شغل قلب السامع بمهم فليعدل ذلك أولا ثم الصوت ثم الهواء الممتزج بين قارع ومقروع إن تجوفا كثرا وصلبا يبس أو اختلف الطريق فسد وأصح الألحان تنزيل ذلك الصوت على النسب المخصوصة والاصغاء لذلك.
فإذا عرفت هذا فاعلم أن فواصل الألحان تكون بالحركة والانتقال ويقابل هذه جنس الحركة في النبض وقد عرفت أنها سريعة أو بطيئة. ولا شك أن الايقاع والألحان إذا دخلا في السمع أوجب سريان الهواء عنهما حركة القلب وهى توجب تغير النبض لذلك تغيرا يفصح عما خبأته الطبيعة خصوصا في نحو الجنون والعشق ثم الصوت الكائن حينئذ إما عظيم أو جوهر أو حاد وأضدادها وهذا كجنس المقدار وأقسامه وعليه تتفرع الانباض وزاد بعضهم السرعة في الصوت والصحيح أنها من الحركة والحدة والغلظ كالصلابة واللين كما مر فيظهر كل بالإضافة. ولما كان بالضرورة بين كل حركتين سكون لاستحالة اتصال الحركة كما مر وجب انقسام الأصوات كما في المقدار إلى منفصلة يقع السكون بين نقراتها وهى إما حادة وعليها سرعة الضرب الواقع في الحميات الحارة والعكس العكس
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 صفة خواتم الملوك السبعة وبخوراتهم 4
3 حرف الياء 5
4 حرف الكاف 6
5 فصل في الحد والموضوع 7
6 فصل في أولها وهي العناصر 7
7 فصل في ثانيها وهو المزاج 8
8 حرف اللام 14
9 حرف الميم 16
10 فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج 29
11 حرف النون 43
12 حرف السين 53
13 الفصل الأول في سبب انقسامها وانحصارها 53
14 فصل في النواميس وكيفية أعمالها 62
15 فصل في المحاريق وكيفية أعمالها 65
16 فصل في التعافين 65
17 فصل في المراقيد 67
18 فصل في عمل النيرنجيات 67
19 باب في الإخفاء 68
20 حرف العين 70
21 علم الحرف 89
22 في معرفة التصرفات بالأوفاق العددية واستخراج الأعوان العلوية 93
23 فصل في استخراج أسماء الملوك العلوية وأسماء الأعوان السفلية 94
24 علم منازل القمر وما يتعلق به والكواكب وما يتعلق بها وغير ذلك 101
25 فصل في أن الآدمي فيه شبه كل شيء من العالم السفلى والعلوي 104
26 فصل في ذكر ملحمة مباركة على الكواكب السبعة السيارة 106
27 فصل في الأوقاف السعيدة والأوقات النسخة وساعاتها 111
28 باب في ذكر التهاييج 113
29 حرف الفاء 127
30 حرف الصاد 138
31 حرف القاف 144
32 حرف الراء 147
33 باب فيه نكت وغرائب في ضرب المسائل لمن أراد سفرا أو غير ذلك 169
34 فصل في معنى الولد والبحث عنه ذكر هو أم أنثى 169
35 فصل في معرفة الضمير 169
36 فصل في الخصومة 169
37 فصل في السفر البحر 169
38 فصل في صفة سؤال المريض عن مرضه 170
39 باب المفردات والكلام عليها 170
40 فصل في إخراج الاسم 171
41 فصل في معرفة الوضع 172
42 حرف الشين المعجمة 172
43 حرف التاء المثناة 179
44 حرف الثاء المثلثة 181
45 حرف الخاء المعجمة 182
46 حرف الدال المعجمة 183
47 حرف الضاد المعجمة 183
48 حرف الظاء المعجمة 183
49 حرف الغين المعجمة 184
50 خاتمة في نكت وغرائب ولطائف وعجائب 185
51 فصل في كيفية هضم الغذاء وفساده 191
52 فصل في مقدار الماء الذي يشربه المهموم عند العطش 191
53 فصل في الفصد والاستفراغ والجذب ودوائها 191
54 فصل في المعاجلة بالدواء الواحد خير من المعاجلة بالمركب 192
55 فصل في كان حكماء اليونان إذا أشكل عليهم حال المريض خلوا بينه وبين الطبيعة 192
56 فصل إذا قال الأطباء كزرة يابسة فمرادهم حشيشتها لا بزرها وفوائد مختلفة 192
57 فصل في كيفية محبة الرجال والنساء 192
58 فصل في علاج من سقى المرتك 193
59 دعاء آخر السنة 196
60 فصل في التحييرات المجربة 197